صفحة جزء
2661 - وعن سالم ، عن ابن عمر - رضي الله عنهما ، أنه كان يرمي جمرة الدنيا بسبع حصيات ، يكبر إثر كل حصاة ، ثم يتقدم حتى يسهل ، فيقوم مستقبل القبلة طويلا ، ويدعو ، ويرفع يديه ، ثم يرمي الوسطى بسبع حصيات ، يكبر كلما رمى بحصاة ، ثم يأخذ بذات الشمال ، فيسهل ، ويقوم مستقبل القبلة ، ثم يدعو ، ويرفع يديه ، ويقوم طويلا ، ثم يرمي جمرة ذات العقبة من بطن الوادي بسبع حصيات ، يكبر عند كل حصاة ، ولا يقف عندها ، ثم ينصرف ، فيقول : هكذا رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يفعله . رواه البخاري .


2661 - ( وعن سالم ، عن ابن عمر ) : أي : أبيه ( أنه كان يرمي جمرة الدنيا ) : أي : البقعة القربى ، وهي الجمرة الأولى لأنها أقرب منازل النازلين عند مسجد الخيف ، وهناك كان مناخ النبي - صلى الله عليه وسلم - ( بسبع حصيات ) : في كل يوم من أيام التشريق ( يكبر على إثر كل حصاة ) : بكسر الهمزة وسكون المثلثة وبفتحهما ، أي : عقيب كل واحدة من الحصى ، وفي رواية " كل حصاة " وفي رواية " عند كل حصاة " وهو أعم ، والمراد بالمعية : خروج الجمرة من اليد ، فهو مع الرمي باعتبار الابتداء ، أو أثره باعتبار الانتهاء . قاله ابن الهمام - رحمه الله - . كذا روي عن ابن مسعود ، وابن عمر ، وكذا في حديث جابر وغيره ، وظاهر المرويات من ذلك الاقتصار على " الله أكبر " يعني وفي بعضها زيادة : بسم . [ ص: 1838 ] الله ، وفي بعضها رغما للشيطان ، ورضا للرحمن ، اللهم اجعله حجا مبرورا ، وسعيا مشكورا ، وذنبا مغفورا . ( ثم يتقدم ) : أي : يذهب قليلا من ذلك الموضع ( حتى يسهل ) : بضم الياء ، وكسر الهاء ، أي : يدخل المكان السهل ، وهو اللين ضد الحزن بفتح الحاء وسكون الزاي أي : الصعب ( فيستقبل القبلة ) : وفي نسخة صحيحة : فيقوم مستقبل القبلة ، أي : حال كونه مقابل الكعبة ، وفي التعبير بالقبلة إشعار باعتبار الجهة ، ثم قوله ( فيقوم ) : مرفوع عطفا على " يتقدم " ( طويلا ) : أي : قياما ، أو زمانا طويلا ، وهما متلازمان ( ويدعو ) : أي : ( قدر ) سورة البقرة ، رواه البخاري . ( ويرفع يديه ) : خلافا لمالك ( ثم يرمي الوسطى ) : أي : الجمرة التي بين الأولى والأخرى ( بسبع حصيات ) . قال ابن الهمام : هل هذا الترتيب متعين ، أو أولى ؟ مختلف فيه ، والذي يقوى عندي استنان الترتيب لا تعيينه ، والله - سبحانه وتعالى - أعلم . أقول : والأحوط مراعاة الترتيب ؛ لأنه واجب عند الشافعي وغيره ، ثم الظاهر أن الموالاة سنة كما في الوضوء ، أو واجب وفق مذهب مالك - رحمه الله - هنالك ( يكبر كلما رمى بحصاة ) : ظاهره تأخير التكبير عن الرمي ، لكن يئول بما تقدم ( ثم يأخذ بذات الشمال فيسهل ) : أي : يذهب على شمال الجمرة الوسطى حتى يصل إلى موضع سهل ( ويقوم مستقبل القبلة ، ثم يدعو ، ويرفع يديه ، ويقوم طويلا ) كما تقدم ( ثم يرمي جمرة ذات العقبة ) : بإضافة الجمرة ( من بطن الوادي بسبع حصيات ) : في " الهداية " : لو رماها من فوق العقبة أجزأه ، إلا أنه خلاف السنة .

قال ابن الهمام : ففعله - عليه الصلاة والسلام - من أسفلها سنة لا أنه المتعين ، ولذا ثبت رمي خلق كثير من الصحابة من أعلاها ، ولم يأمرهم بالإعادة ، ولا أعلنوا بالنداء بذلك في الناس ، كما في الصحيح عن ابن مسعود أنه رمى جمرة العقبة من بطن الوادي بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة ، فقيل له : إن ناسا يرمونها من فوقها ، فقال عبد الله : هذا والذي لا إله غيره مقام الذي أنزلت عليه سورة البقرة ، وكان وجه اختياره - عليه الصلاة والسلام - لذلك هو وجه اختياره حصى الخذف ، فإنه يتوقع الأذى إذا رموا من أعلاها لمن أسفلها ، فإنه لا يخلو من مرور الناس فيصيبهم ، بخلاف الرمي من أسفل مع المارين من فوقها اهـ .

ويؤيده جواز الرمي من الجوانب سائر الجهات ، مع أنه - عليه الصلاة والسلام - ما رمى إلا من جهة واحدة ( يكبر عند كل حصاة ، ولا يقف ) : أي : للدعاء ( عندها ) . قال ابن الهمام - رحمه الله : ولم تظهر حكمة تخصيص الوقوف والدعاء بغيرها من الجمرتين ، فإن تخايل أنه في اليوم الأول لكثرة ما عليه من الشغل كالذبح ، والحلق ، والإفاضة إلى مكة ، فهو منعدم فيما بعده من الأيام ، إلا أن يكون كون الوقوف يقع في جمرة العقبة في الطريق ، فيوجب قطع سلوكها على الناس وشدة ازدحام الواقفين ، ويفضي ذلك إلى ضرر عام بخلافه في باقي الجمار ، فإنه لا يقع في نفس الطريق ، بل بمعزل معتصم عنه ( ثم ينصرف ) : أي : ابن عمر ( فيقول : هكذا رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يفعله . رواه البخاري ) : - رحمه الله - تعالى - .

التالي السابق


الخدمات العلمية