صفحة جزء
2697 - وعن أبي قتادة - رضي الله عنه - أنه خرج مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فتخلف مع بعض أصحابه وهم محرمون ، وهو غير محرم ، فرأوا حمارا وحشيا قبل أن يراه ، فلما رأوه تركوه حتى رآه أبو قتادة فركب فرسا له ، فسألهم أن يناولوه سوطه ، فأبوا ، فتناوله فحمل عليه ، فعقره ، ثم أكل فأكلوا ، فندموا ، فلما أدركوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سألوه قال " هل معكم منه شيء ؟ " قالوا : معنا رجله . فأخذها النبي - صلى الله عليه وسلم - فأكلها . متفق عليه .

وفي رواية لهما : فلما أتوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " أمنكم أحد أمره أن يحمل عليها ؟ أو أشار إليها ؟ " قالوا : لا قال : " فكلوا ما بقي من لحمها " .


2697 - ( وعن أبي قتادة أنه خرج مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ) : سنة الحديبية ( فتخلف ) : أي : تأخر أبو قتادة ( مع بعض أصحابه ) : الضمير راجع إلى أبي قتادة ، أو النبي - صلى الله عليه وسلم - ( وهم ) : أي : البعض ( محرمون ، وهو ) : أي : أبو قتادة ( غير محرم ) : وفي رواية المالكي : أحرموا كلهم إلا أبو قتادة لم يحرم ، وأبو قتادة مبتدأ ولم يحرم خبره ، وإلا بمعنى لكن نظيره : ولا يلتفت منكم أحد إلا امرأتك بالرفع في قراءة أبي كثير وأبي عمرو ، ولا يصح أن يجعل امرأتك بدلا من أحد لأنها تسر معه ، كما يدل عليه قراءة النصب . ( فرأوا حمارا وحشيا قبل أن يراه أبو قتادة ، فلما رأوه تركوه ) : أي : الحمار أو أبا قتادة بأن لم يقولوا : هذا حمار بل سكتوا . ( حتى رآه أبو قتادة ) : وفي المصابيح : حتى رآه فقط ، أي : حتى رأى أبو قتادة الحمار ، لأنه لا يجوز للمحرم الدلالة على الصيد ولا الإشارة إليه ، ( فركب ) : أي : أبو قتادة بعد ما رأى الحمار ( فرسا له ، فسألهم أن يناولوه ) : أي : يعطوه ( سوطه ، فأبوا ) : لعدم جواز المعاونة ، ( فتناوله ) : أي : أخذه بيده ( فحمل عليه ) : أي : [ ص: 1856 ] وجه الفرس نحوه فأدركه ( فعقره ) : أي : قتله ، وأصل العقر الجرح ( ثم ) : أي : بعد طبخه ( أكل ) : أي : أبو قتادة منه ( فأكلوا ) : تبعا له ( فندموا ) : لظنهم أنه لا يجوز للمحرم أكل الصيد مطلقا ، ( فلما أدركوا ) : أي : لحقوا ( رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سألوه ) : أي : عنه هل يجوز أكله أم لا ؟ قال : " هل معكم منه شيء ؟ قالوا : معنا رجله ، فأخذها ) : أي : رجله ( النبي - صلى الله عليه وسلم - فأكلها ) : إشارة إلى أن الجواب بالفعل أقوى من القول ، وفي رواية صحيحة : أنه - عليه الصلاة والسلام - لم يأكل منه ، ولا تنافي لاحتمال أنه جرى لأبي قتادة في ذلك السفر قضيتان ، ولهذا يرد قول من حرمه مطلقا - ذكره ابن حجر - والأظهر أنه امتنع أولا خشية أن أحدا أمره أو أعانه ، فلما تبين أمره أكل منه . ( متفق عليه ) .

( وفي رواية لهما ) : أي : للشيخين المعلوم من متفق عليه ( فلما أتوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " أمنكم أحد أمره ) : أي : بالصريح أو الدلالة ( أن يحمل ) : أي : بالقصد ( وعليها ) : أي : على الحمار أو الصيد وتأنيثه ، باعتبار الدابة ( أو أشار إليها ) : عطف على أمره ، والفرق بين الدلالة والإشارة إلى أن الأولى باللسان والثانية باليد ، وقيل : الأولى في الغائب والثانية في الحضور ، وقيل : كلتاهما بمعنى واحد ، وهي حرام على المحرم في الحل والحرم ، وعلى الحلال في الحرم ، ثم في وجوب الجزاء عليه شرائط محلها كتب الفقه .

قال ابن الهمام : أخرج الستة في كتبهم عن أبي قتادة أنهم كانوا في مسير لهم ، بعضهم محرم وبعضهم ليس بمحرم قال أبو قتادة : قد رأيت حمار وحش ، فركبت فرسي ، وأخذت الرمح فاستعنتهم ، فأبوا أن يعينوني فاختلست سوطا من بعضهم ، وشددت على الحمار فأصبته ، فأكلوا منه ، واستبقوا قالوا : فسئل عن ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : " أمنكم أحد أمره أن يحمل عليها أو أشار إليه ؟ " ( قالوا : لا قال : فكلوا ما بقي من لحمها ) : وفي لفظ لمسلم : " هل أشرتم هل أعنتم ؟ قالوا : لا قال : " فكلوا ) اهـ .

وفي رواية : أنهم رأوها ; فضحكوا ، فأبصرها ، فاستعانهم ، فأبوا أن يعينوه ، وفي أخرى رآهم يتراءون شيئا ، فنظر فإذا هو حمار وحشي ، فوقع السوط ، فقالوا : لا نعينك بشيء إنا محرمون ، وفي أخرى : فأبصروا حمارا وحشيا ، وأنا مشغول أخصف نعلي ، فلم يؤذنوني به ، وأحبوا لو أني أبصرته ، فالتفت فأبصرته ، فقلت : ناولوني السوط والرمح . فقالوا : لا والله لا نعينك عليه بشيء . وكل هذه الروايات صحيحة ، ويستفاد منها أنهم لم يقصدوا بضحكهم ، ولا بترائيهم إليه إعلامه ، وإلا لحرم ، ففي شرح المهذب : لا فرق بين الدلالة الظاهرة والخفية اتفاقا .

التالي السابق


الخدمات العلمية