صفحة جزء
[ ص: 1860 ] ( 13 ) باب الإحصار وفوت الحج

الفصل الأول

2707 - عن ابن عباس - رضي الله عنهما قال : قد أحصر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فحلق رأسه وجامع نساءه ، ونحر هديه ، حتى اعتمر عاما قابلا . رواه البخاري .


[ 13 ] باب الإحصار

أي : المنع أو الحبس لغة ، والمنع عن الوقوف والطواف شرعا ، فإن قدر على أحدهما فليس بمحصر . قال ابن الهمام : يتحقق الإحصار عندنا بالعدو وغيره ، كالمرض ، وهلاك النفقة ، موت محرم المرأة وزوجها في الطريق اهـ . وعند الشافعي خص الإحصار بالعدو الكافر ، والجواب أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب ، على أن المشهور من كلام أهل اللغة أن الإحصار المنع بمرض أو عدو أو حبس ، والحصر التضييق ، ذكره السبكي معترضا على النووي ، حيث نقله عن أهل اللغة من أن الإحصار في العدو أشهر ، والحصر في المرض أكثر فتأمل وتدبر ، خذ ما صفا ودع ما كدر . ( وفوت الحج ) بأن يكون محرما ولم يدرك مكان الوقوف ، وهو عرفة في زمانه ، وهو من بعد الزوال إلى طلوع فجر يوم النحر ولو ساعة ، وهنا فرع غريب وأمر عجيب ، وهو أنه لو أدرك العشاء ليلة النحر وخاف لو ذهب إلى عرفات تفوت العشاء ، ولو اشتغل بالعشاء يفوت الوقوف فقيل : يشتغل بالعشاء وإن فاته الوقوف ، وقيل يدع الصلاة ويذهب إلى عرفة . وقال صاحب النخبة : يصلي الفرض في الطريق ماشيا على مذهب من يرى ذلك ثم يقضيه بعد ذلك احتياطا .

الفصل الأول

2707 - ( عن ابن عباس قال : قد أحصر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ) : أي منع عن عمرته التي أحرم بها في عام الحديبية ( فحلق رأسه ) : أي : بنية التحلل ( وجامع نساءه ) : أي : بعد تحلله الكامل ، كما يشير إليه قوله : ( ونحر هديه ) : إذ الواو لمطلق الجمع وفي الصحيحين : أنه - عليه الصلاة والسلام - تحلل هو وأصحابه بالحديبية لما رده المشركون ، وكان محرما بالعمرة فنحر ثم حلق ، ثم قال لأصحابه : قوموا فانحروا ثم احلقوا . وفي الهداية : ثم تحلل قال ابن الهمام : يفيد أنه لا يتحلل قبل الذبح حتى لو ظن المحصر أن الهدي قد ذبح في يوم المواعدة ، ففعل من محظورات الإحرام ، ثم ظهر عدم الذبح إذ ذاك كان عليه موجب الجناية ، وكذا لو ذبح في الحل على ظن أنه ذبح في الحرم قال الطيبي - رحمه الله : يقال أحصره المرض أو السلطان إذا منعه ، فإذا أحصر المحرم بعدو فله التحلل وعليه هدي ، ويجوز ذبح هدي المحرم حيث أحصر ، ولا يجوز ذبح باقي الهدايا إلا في الحرم . وقال أصحاب أبي حنيفة : لا يراق هدي المحصر أيضا إلا في الحرم ، ( حتى اعتمر ) : غاية للمجموع أي : تحلل حتى اعتمر أي قضى ( عاما قابلا ) : أي : آتيا يعني السنة السابعة من الهجرة التي اعتمر فيها قضاء لعمرة حل منها ، وقضاؤها كان واجبا ، كما ذهب إليه أبو حنيفة خلافا للشافعية ، حيث يسمون عمرة القضاء ، وأغرب ابن حجر في قوله : ويؤيد عدم وجوب القضاء أن أهل الحديبية كانوا ألفا وأربعمائة ، وقيل أكثر ، ولم يعتمر معه هذه العمرة إلا نحو نصفهم ، ولو وجب القضاء لقضى الكل أو الأكثر اهـ . ووجه غرابته لا يخفى إذ لم يقل أحد بوجوب القضاء فورا ، ولا بكونه معه - صلى الله عليه وسلم - ولا يكون الأكثر يقوم مقام الكل ، فيحوز وقوعه سواء تقدم أو تأخر فتأمل وتدبر . ( رواه البخاري ) .

التالي السابق


الخدمات العلمية