صفحة جزء
2718 - وعن أنس - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دخل مكة يوم الفتح وعلى رأسه المغفر ، فلما نزعه جاء رجل وقال : إن ابن خطل متعلق بأستار الكعبة . فقال : " اقتله " متفق عليه .


2718 - ( وعن أنس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دخل مكة يوم الفتح وعلى رأسه المغفر ) : بكسر الميم وفتح الفاء ، شبه قلنسوة من الدرع . قال الطيبي - رحمه الله : دل على جواز الدخول بغير إحرام لمن لا يريد النسك ، وهذا أصح قولي الشافعي - رحمه الله - قال الشمني - رحمه الله - : ولنا ما روى ابن أبي شيبة ، عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " لا تجاوزوا الميقات بغير إحرام " . وأيضا الإحرام لتعظيم البقعة فيستوي فيه الحاج والمعتمر وغيرهما ، ودخوله - صلى الله عليه وسلم - عام الفتح بغير إحرام حكم مخصوص بذلك الوقت ، ولهذا قال - صلى الله عليه وسلم - في ذلك اليوم : " إنها لا تحل لأحد قبلي ولا تحل لأحد بعدي ، وإنما أحلت لي ساعة من نهار ثم عادت حراما " . يعني في الدخول بغير إحرام للإجماع على حل الدخول بعده - عليه الصلاة والسلام - لقتال . ( فلما نزعه ) : أي : المغفر من رأسه ( جاء رجل ) : قال الطيبي - رحمه الله : هو فضل بن عبيد أبو برزة الأسلمي . ( وقال : إن ابن خطل ) : بفتحتين ( متعلق بأستار الكعبة فقال : " اقتله ) . [ ص: 1866 ] قال الطيبي - رحمه الله : وكان قد ارتد عن الإسلام ، وقتل مسلما كان يخدمه واتخذ جاريتين تغنيان بهجو النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه الكرام وأحكام الإسلام ، فأمر بقتله يعني قصاصا ، ويعلم منه أن الحرم لا يمنع من إقامة الحدود على من جنى خارجه والتجأ إليه ، أقول : الظاهر أنه إنما قتله لارتداده انفرادا ، أو مع انضمام قتل النفس ، ولو سلم أنه قتله قصاصا يحمل على أنه أجاز ذلك له في تلك الساعة ، ومما يدل على أن قتله لم يكن للقصاص عدم وجود شروطه من المطالبة الدعوى والشهادة ، وبه بطل قول ابن حجر ، وتأويل أبي حنيفة له بأن هذا كان في الساعة التي أحلت له ، وحينئذ مكة كغيرها بخلافها بعدها مردود بوضع المغفر ، لأنه لا يلزم من وضعه نقض أمره ، ونهيه في حكمه من يومه على أنه - عليه الصلاة والسلام - قبل أن يدخل مكة أذن في قتل جماعة من الرجال والنساء ، وإن كانوا متعلقين بأستار الكعبة ، منهم هذا وهو أشدهم . ( متفق عليه ) .

التالي السابق


الخدمات العلمية