صفحة جزء
234 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ومن قال في القرآن برأيه فليتبوأ مقعده من النار " . وفي رواية : " من قال في القرآن بغير علم فليتبوأ مقعده من النار . رواه الترمذي .


234 - ( وعن ابن عباس ) : لم يقل عنه لئلا يرجع الضمير إلى غيره ، وفي نسخة : عنه ؛ لأنه الأصل المصدر به في أول الحديث ( قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من قال ) أي : من تكلم ( في القرآن ) أي : في معناه أو قراءته ( برأيه ) أي : من تلقاء نفسه من غير تتبع أقوال الأئمة من أهل اللغة والعربية المطابقة للقواعد الشرعية ، بل بحسب ما يقتضيه عقله ، وهو مما يتوقف على النقل بأنه لا مجال للعقل فيه كأسباب النزول والناسخ والمنسوخ وما يتعلق بالقصص والأحكام ، أو بحسب ما يقتضيه ظاهر النقل ، وهو مما يتوقف على العقل كالمتشابهات التي أخذ المجسمة بظواهرها ، وأعرضوا عن استحالة ذلك في العقول ، أو بحسب ما يقتضيه بعض العلوم الإلهية مع عدم معرفته ببقيتها وبالعلوم الشرعية فيما يحتاج لذلك ، ولذا قال البيهقي : المراد رأي غلب من غير دليل قام عليه ، أما ما يشده برهان فلا محذور فيه ، فعلم أن علم التفسير إنما يتلقى من النقل ، أو من أقوال الأئمة ، أو من المقاييس العربية ، أو القواعد الأصولية المبحوث عنها في علم أصول الفقه أو أصول الدين ، ثم اعلم أن كل ما تعلق بالنقل لتوقفه عليه يسمى تفسيرا ، وكل ما تعلق بالاستنباط يسمى تأويلا ( فليتبوأ مقعده من النار ) وفي رواية : ( من قال في القرآن ) أي : قولا ( بغير علم ) أي : دليل يقيني أو ظني نقلي أو عقلي مطابق للشرعي ( فليتبوأ مقعده من النار ) . قيل : يخشى عليه من الكفر . قال ابن حجر : وأحق الناس بما فيه من الوعيد قوم من أهل البدع سلبوا لفظ القرآن ما دل عليه ، وأريد به أو حملوه على ما لم يدل عليه ولم يرد به في كلا الأمرين مما قصدوا نفيه أو إثباته من المعنى ، فهم مخطئون في الدليل والمدلول ، مثل تفسير عبد الرحمن بن كيسان الأصم ، والجبائي ، وعبد الجبار ، والرماني ، والزمخشري وأمثالهم . ومن هؤلاء من يدس البدع والتفاسير الباطلة في كلامهم الجزل ، فيروج على أكثر أهل السنة كصاحب الكشاف ، ويقرب من هؤلاء تفسير ابن عطية ، بل كان الإمام ابن عرفة المالكي يبالغ في الحط عليه ، ويقول : إنه أقبح من صاحب الكشاف لأن كل أحد يعلم اعتزال ذلك فيجتنبه بخلاف هذا فإنه يوهم الناس أنه من أهل السنة . ( رواه الترمذي ) .

[ ص: 310 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية