صفحة جزء
2940 - وعن أنس - رضي الله عنه ، قال : كان النبي - صلى الله عليه وسلم - عند بعض نسائه ، فأرسلت إحدى أمهات المؤمنين بصحفة فيها طعام ، فضربت التي النبي - صلى الله عليه وسلم - في بيتها يد الخادم ، فسقطت الصحفة ، فانفلقت ، فجمع النبي - صلى الله عليه وسلم - فلق الصحفة ، ثم جعل يجمع فيها الطعام الذي كان في الصحفة ، ويقول ( غارت أمكم ) ثم حبس الخادم حتى أتي بصحفة من عند التي هو بيتها ، فدفع الصحفة الصحيحة إلى التي كسرت صحفتها ، وأمسك المكسورة في بيت التي كسرت . رواه البخاري .


2940 - ( وعن أنس قال : كان النبي - صلى الله عليه وسلم - عند بعض نسائه ) : قال التوربشتي : " قد تبين لنا من غير هذا الطريق أن التي ضربت يد الخادم هي عائشة - رضي الله عنها - قال الطيبي - رحمه الله : " إنما أبهم في قوله عند بعض نسائه ، وأراد بها عائشة تفخيما لشأنها وأنه مما لا يخفى ولا يلتبس أنها هي ، لأن الهدايا إنما تهدى إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا كان في بيت عائشة اهـ ، والظاهر أن هذا ليس علة لإيراده بالإبهام ، بل إنما أبهم للنسيان أو تردد أو تعدد واقعة ، نعم هذه القرائن تبين المجمل وتعين المبهم ، والله تعالى أعلم ( فأرسلت إحدى أمهات المؤمنين ) : قيل هيصفية ، وقيل زينب ، وقيل أم سلمة ( بصحفة ) : أي : قصعة مبسوطة ( فيها طعام ) : قال الطيبي - رحمه الله - : وإنما وصفت المرسلة بأم المؤمنين إيذانا بشفقتها وكسرها غيرتها وهواها حيث أهدت إلى بيت ضرتها بالقصعة ( فضربت التي النبي - صلى الله عليه وسلم - في بيتها ) : أي : عائشة ( يد الخادم ، فسقطت الصحف فانفلقت ) : أي : انكسرت فلقة فلقة ( فجمع النبي - صلى الله عليه وسلم - فلق الصحفة ) : بكسر الفاء وفتح اللام جمع فلقة وهي القطعة أي : كسرها ( ثم جعل ) : أي : شرع ( يجمع فيها ) : أي : في بقية الصحفة أو في كسرها ( الطعام الذي كان في الصحفة ) : وهذا من كمال حلمه وتواضعه وحسن معاشرته وتعظيم نعمة ربه ( ويقول ) : أي : مكررا ( غارت أمكم ) : قال الطيبي - رحمه الله : " الخطاب عام لكل من يسمع هذه القصة من المؤمنين اعتذارا منه - صلى الله عليه وسلم - ، لئلا يحملوا صنيعها على ما يذم ، بل يجري على عادة الضرائر من الغريزة ، فإنها مركبة في نفس البشر بحيث لا تقدر أن تدفعها على نفسها ، وقيل : خطاب لمن حضر من المؤمنين ( ثم حبس الخادم ) : أي : منعه أن يرجع ( حتى أتي ) : بصيغة المفعول أي : جيء ( بصحف من عند التي هو في بيتها ) : أي : عائشة ( فدفع الصحف الصحيحة ) : أي : من بيتها ( إلى التي كسرت صحفتها ) : بالبناء للمجهول ( وأمسك المكسورة في بيت التي كسرت ) : بصيغة المعلوم .

[ ص: 1971 ] قال التوربشتي - رحمه الله : " هذا الحديث لا تعلق له بالغصب ولا بالعارية ، وإنما كان من حقه أن يورد في باب ضمان المتلفات ، قال القاضي : وجه إيراد هذا الحديث في هذا الباب أنه - صلى الله عليه وسلم - غرم الضاربة ببدل الصحفة لأنها انكسرت بسبب ضربها يد الخادم عدوانا ، ومن أنواع الغصب إتلاف مال مباشرة ، أو بسبب على وجه العدوان . قال ابن الملك في شرح المشارق : فإن قيل : الصحفة مضمونة بالقيمة ليست من ذوات الأمثال ، فما وجه دفعه - عليه الصلاة والسلام - صحفة مكانها ؟ أجيب : بأنه فعل ذلك على سبيل المروءة لا على طريق الضمان لأن الصحفتين كانتا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقيل : كانت الصحفات متقاربة في ذلك الوقت ، وكانت كالعدديات المتقاربة ، فجاز أن يدفع إحداهما بدل الأخرى ، وقيل : فعل ذلك بتراضيهما فلم يبق يدعي القيمة ( رواه البخاري ) .

التالي السابق


الخدمات العلمية