صفحة جزء
2976 - وعن عمرو قال : قلت لطاوس ، لو تركت المخابرة فإنهم يزعمون أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عنه قال أي : عمرو : إني أعطيهم وأعينهم وإن أعلمهم أخبرني - يعني ابن عباس - " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم ينه عنه وقال : إن يمنح أحدكم أخاه خير له من أن يأخذ عليه خرجا معلوما . متفق عليه .


2976 - ( وعن عمرو ) قيل : هو ابن دينار قال المؤلف في أسماء رجاله في فصل التابعين : " عمرو بن دينار يكنى أبا يحيى ، روى عن سالم بن عبد الله وغيره ، وعنه الحمادان ومعتمر ، وعدة ضعفوه ، وعمرو بن واقد هو الدمشقي روى عن يوسف بن ميسرة وعدة ، وعنه النفيلي وهشام بن عمار تركوه ، وعمرو بن ميمون الأودي أدرك الجاهلية وأسلم في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم - ، ولم يلقه وهو معدود في كبار التابعين من أهل الكوفة ، وعمرو بن الشريد الثقفي ، والله تعالى أعلم ( قال قلت : لطاوس لو تركت المخابرة ) أي : لكان حسنا أو لو للتمني ( فإنهم ) أي : عامة الناس ( يزعمون ) أي : يقولون ويظنون ولا يتيقنون ( أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عنه ) الضمير راجع إلى المخابرة على تأويل الزرع في أرض غيره ( قال ) أي : طاوس ( أي عمرو ) أي : يا عمرو ( إني أعطيهم وأعينهم ) من الإعانة ( وإن أعلمهم ) أي : أعلم أهل المدينة والصحابة الذين في زمنه ، وقال الطيبي : " الضمير في أعلمهم إلى ما يرجع إليه الضمير في يزعمون وهم جماعة ذهبوا إلى خلاف ما ذهب إليه طاوس من فعل المخابرة ولذلك أتى بلفظ الزعم ، والحاصل أن أكثرهم علما ( أخبرني يعني ) يعني يريد طاوس بأعلمهم ( ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم ينه عنه ) أي : عن كراء الأرض على الوجه المذكور في حديث رافع ( ولكن قال ) أي : النبي - صلى الله عليه وسلم - ( أن يمنح ) بفتح الهمزة والحاء على أنها تعليلية وبكسر الهمزة وسكون الحاء على أنها شرطية والأول أشهر ذكره العسقلاني ، والأظهر أن الأول مصدرية محله الرفع على الابتدائية ، ويمنح بفتحتين وفي نسخة بضم الياء وكسر النون والفاعل قوله ( أحدكم ) والمعنى إعطاء أحدكم أرضه ( أخاه خير له من أن يأخذ عليه خرجا أي أجرا ( معلوما ) لاحتمال أن تمسك السماء مطرها أو الأرض ريحها فيذهب ماله بغير شيء ( متفق عليه ) قال التوربشتي : " أحاديث المزارعة التي أوردها المؤلف وما يثبت منها في كتب الحديث في ظواهرها تباين واختلاف ، وجملة القول في الوجه الجامع بينها أن يقال : إن رافع بن خديج سمع أحاديث في النهي وعللها متنوعة فنظم سائرها في سلك واحد فلهذا مرة يقول : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وتارة يقول : حدثني عمومتي وأخرى وأخبرني عماي ، والعلة في بعض تلك الأحاديث أنهم كانوا يشترطون شروطا فاسدة ، ويتعاملون على أجرة غير معلومة فنهوا عنها ، وفي البعض أنهم كانوا يتنازعون في كراء الأرض حتى أفضى بهم إلى التقابل فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " إن كان هذا شأنكم فلا تكروا المزارع " ، وقد بين ذلك زيد بن ثابت في حديثه ، وفي البعض أنه كره أن يأخذ المسلم خرجا معلوما من أخيه على الأرض ثم تمسك السماء قطرها أو تخلف الأرض ريعها فيذهب ماله بغير شيء ; فيتولد منه التنافر والبغضاء وقد تبين لنا ذلك من حديث ابن عباس " من كانت له أرض فليزرعها " الحديث ، وذلك من طرق المروءة والمواساة ، وفي البعض أنه كره لهم الافتتان بالحراثة والحرص عليها والتفرغ لها فتقعدهم عن الجهاد في سبيل الله وتفوتهم الحظ على الغنيمة والفيء ، ويدل عليه حديث أبي أمامة ، قال الطيبي - رحمه الله - : " وعلى هذا المعنى يجب أن يحمل الاضطراب المروي في شرح السنة عن الإمام أحمد أنه قال : لما في حديث رافع بن خديج من الاضطراب ; مرة يقول : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومرة يقول : حدثني عمومتي لا على الاضطراب المصطلح عند أهل الحديث فإنه نوع من أنواع الضعف ، وجل جناب الشيخين أن يوردا في الكتابين من هذا النوع شيئا .

[ ص: 1989 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية