صفحة جزء
287 - وعنه ، أنه توضأ فأفرغ على يديه ثلاثا ثم تمضمض واستنثر ، ثم غسل وجهه ثلاثا ثم غسل يده اليمنى إلى المرفق ثلاثا ، ثم غسل يده اليسرى إلى المرفق ثلاثا ، ثم مسح برأسه ثم غسل رجله اليمنى ثلاثا ثم اليسرى ثلاثا ثم قال : رأيت رسول - صلى الله عليه وسلم - توضأ نحو وضوئي هذا . ثم قال : ( من توضأ وضوئي هذا ، ثم يصلي ركعتين لا يحدث نفسه فيهما بشيء ، غفر له ما تقدم من ذنبه ) متفق عليه . ولفظه للبخاري .


287 - ( وعنه ) : أي : عن عثمان ( أنه توضأ فأفرغ ) : من الإفراغ عطف على سبيل البيان على المبين أي : صب الماء ( على يديه ثلاثا ) : أي : فغسلهما إلى رسغيه ( ثم تمضمض ) : أي : ردد الماء في فمه ( واستنثر ) ، قال النووي : الجمهور على أن الاستنثار هو إخراج الماء من الأنف بعد الاستنشاق ، وهو جذب الماء بالنفس إلى الأقصى ، ويدل عليه الرواية الأخرى استنشق واستنثر فجمع بينهما ، وهو مأخوذ من النثرة طرف الأنف وقد [ ص: 348 ] أجمعوا على كراهة الزيادة على الثلاثة المستوعبة للعضو ، وإذا لم يستوعب إلا بغرفتين فهي واحدة ولم يذكر العدد في مسح الرأس ، فالظاهر الاكتفاء بالمرة الواحدة اهـ . وهو مذهب الجمهور ولأن تكرار المسح يفضي إلى الغسل . ( ثم غسل وجهه ثلاثا ) : والظاهر أنه قيد لكل من الثلاثة ( ثم غسل يده اليمنى إلى المرفق ) : بكسر الميم وفتح الفاء وضبط بالعكس أيضا ( ثلاثا ، ثم غسل يده اليسرى إلى المرفق ثلاثا : مراعاة للترتيب والتيامن ، وإلى بمعنى ( مع ) عند الجمهور ( ثم مسح برأسه ) : أي : بعضه أو كله والظاهر الأخير ( ثم غسل رجله اليمنى ثلاثا ، ثم اليسرى ثلاثا ، وليست ثم في هذه المواضع للتراخي المنافي للموالاة ، بل لمجرد التعقيب ( ثم قال : رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - توضأ نحو وضوئي هذا ) : لم يقل مثله لأن حقيقة مماثلة وضوئه عليه الصلاة والسلام لا يقدر عليها غيره . هذا كلام النووي ، وأغرب ابن حجر في تعقبه بقوله . وقوله عليه الصلاة والسلام : ( من توضأ وضوئي هذا ) أي مثله صريح في رده على أنه لا يلزم من المماثلة في شيء المماثلة في جميع أوصافه اهـ . وهو غير صريح ، بل غير صحيح لأن كلام النووي إنه آثر عثمان رضي الله تعالى عنه لفظ نحوه على مثله لأنه نص على نفي المماثلة الحقيقية بخلاف مثله فإنه قد يستعمل في الحقيقة بل في الأغلب سيما عند المحدثين فإنه إذا قيل روي مثله أي لفظا ومعنى ، وإذا قيل : روي نحوه أي معنى لا لفظا ، وأما قوله صلى الله عليه وسلم : ( من توضأ وضوئي هذا ليس المراد إلا نحوه بالإجماع فتقدير مثله منه مردود بلا نزاع فإن عثمان مع جلالته إذا عجز عن الإتيان بمثله فيرضى كل أحد أن يأتي بنحوه فإن الإحاطة بجميع سننه - صلى الله عليه وسلم - تعز على أكثر المتفقهة والمتصوفة ، فضلا عن العوام والسوقة . ( ثم قال ) : أي : النبي - صلى الله عليه وسلم - حين فرغ من وضوئه ( من توضأ نحو وضوئي هذا ) أي جامعا لفرائضه وسننه ( ثم يصلي ركعتين ) : فيه استحباب ركعتين عقيب كل وضوء ولو صلى فريضة حصلت له هذه الفضيلة كما تحصل تحية المسجد بذلك ( لا يحدث نفسه ) : أي : لا يكلمها ( فيهما بشيء ) من أمور الدنيا وما لا يتعلق بالصلاة ، ولو عرض له حديث فأعرض عنه عفي له ذلك وحصلت له الفضيلة لأنه تعالى عفا عن هذه الأمة الخواطر التي تعرض ولا تستقر كذا قاله الطيبي . وقيل : أي بشيء غير ما يتعلق بما هو فيه من صلاته وإن تعلق بالآخرة وقيل بشيء من أمور الدنيا لأن عمر رضي الله تعالى عنه كان يجهز الجيش وهو في الصلاة يعني يكون قلبه حاضرا وقيل : معناه إخلاص الصلاة لله يعني لا تكون صلاته للرياء والطمع ( غفر له ) : بصيغة المجهول ( ما تقدم من ذنبه ) : أي : من الصغائر ، ويفهم منه أن الغفران مرتب على الوضوء مع الصلاة . ومن الحديث المتقدم ترتبه على مجرد الوضوء لمزيد فضله . قال ابن الملك . وفيه أن للصلاة مزية على الوضوء دون العكس كما هو ظاهر مقرر ، فإنه وسيلة وشرط لها ، ويمكن أن يقال كل منهما مكفر أو الوضوء المجرد مكفر لذنوب أعضاء الوضوء ، ومع الصلاة مكفر لذنوب جميع الأعضاء ، أو الوضوء مكفر للذنوب الظاهرة ، ومع الصلاة مكفر للذنوب الظاهرة والباطنة والله أعلم . ( متفق عليه . ولفظه للبخاري ) .

التالي السابق


الخدمات العلمية