صفحة جزء
290 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ( إن أمتي يدعون يوم القيامة غرا محجلين من آثار الوضوء . فمن استطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل ) متفق عليه .


290 - ( وعن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إن أمتي ) : يعني أمة الإجابة بل الخواص منهم وهم أهل العبادة ( يدعون يوم القيامة ) أي : يسمون ( غرا محجلين ) وقيل ينادون : أيها الغر المحجلون هلموا إلى الجنة ، وقيل يدعون على رءوس الأشهاد ، أو يطلبون إلى الموقف أو إلى الجنة حال كونهم غرا محجلين . قال الأشرف : الغر جمع الأغر وهو الأبيض الوجه ، والمحجل من الدواب التي قوائمها بيض مأخوذ من الحجل ، وهو القيد كأنها مقيدة بالبياض ، وأصل هذا في الخيل ، ومعناه أنهم إذا دعوا على رءوس الأشهاد أو إلى الجنة كانوا على هذه الصفة ، وانتصابهما على الحال إذا كان يدعون بمعنى ينادون أو يطلبون ويحتمل أن يكون غرا مفعولا ثانيا ليدعون بمعنى يسمون كما يقال : فلان يدعى ليثا ، والمعنى أنهم يسمون بهذا الاسم لما يرى عليهم من آثار الوضوء والمعنى هو الأول ، ويدل عليه قوله عليه الصلاة والسلام : ( يأتون يوم القيامة غرا محجلين ) لأنها العلامة الفارقة بين هذه الأمة وسائر الأمم وقيل : لا يبعد التسمية باعتبار الوصف الظاهر كما يسمى رجل به حمرة أحمر للمناسبة وهو أظهر لأن القصد هو الشهرة والتمييز ( من آثار الوضوء ) : بفتح الواو ، وهو الماء الذي وصل إلى أعضاء المتوضئ ، وقيل بالضم قال في الأزهار : ويجوز فتحها ، ولكن الفتح هو أصل السيد وهو أظهر معنى ( فمن استطاع منكم أن يطيل غرته ) : أي : وتحجيله بإيصال الماء إلى أكثر من محل الفرض وحذف اكتفاء ( فليفعل ) قال المنذري : قوله : فمن استطاع إلخ مدرج من كلام أبي هريرة موقوف عليه ، ذكره غير واحد من الحفاظ اهـ .

وقال العسقلاني ، قال أبو نعيم : لا أدري قوله : من استطاع إلخ . من قول النبي - صلى الله عليه وسلم - أو من قول أبي هريرة ، ولم أر هذه الجملة من رواية أحمد ممن روى هذا الحديث من الصحابة وهم عشرة ولا ممن رواه عن أبي هريرة غير رواية أبي نعيم هذه وقول ابن حجر : ودعوى أن : فمن . . إلخ ، من كلام أبي هريرة فلا يسن غرة ولا تحجيل ، يردها أنه لم يصح ما يدل على الإدراج والأصل عدمه إذ لو كان ثمة إدراج لبينه أبو هريرة في طريق من الطرق [ ص: 351 ] واحتماله لا يجدي بل لا بد من تحققه كلام من ليس عنده تحقق من اصطلاح المحققين من المحدثين والأصوليين المستدلين ، أما أولا فلأن كون قوله : فمن استطاع . . إلخ . من كلام أبي هريرة لا يلزم منه أن لا يسن غرة ولا تحجيل فإن استحبابه علم من قوله عليه الصلاة والسلام ( يدعون غرا محجلين ) ويعلم إطالته من الحديث الآتي . وأما ثانيا فلأن حفاظ الحديث إذا قالوا في كلام أنه مدرج أو موقوف وجب على الفقهاء متابعتهم ، بل إذا ترددوا أنه موقوف أو مرفوع فلا يصح جعله مرفوعا مجزوما به مرتبا عليه المسألة الفقهية ، وأما ثالثا فلأن قوله : لبينه أبو هريرة ، غير متجه إذ الكلام أنه من قوله ، فكيف يبين أنه قوله أو قول غيره ، وإنما بينه من بعده ، ويكفي تردد من رواه عنه بغير واسطة وهو نعيم أنه من قوله موقوفا أو مرفوعا ، مع ما يدل عليه من شذوذه وانفراده عمن روى عن أبي هريرة ، وعن سائر الطرق الواصلة إلى حد العشرة الكاملة . ( متفق عليه ) .

التالي السابق


الخدمات العلمية