صفحة جزء
[ ص: 358 ] [ 1 ] باب ما يوجب الوضوء

الفصل الأول

300 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( لا تقبل صلاة من أحدث حتى يتوضأ ) متفق عليه .


[ 1 ] - باب ما يوجب الوضوء

أي : أسباب وجوب الطهارة الصغرى ، وما يتعلق به ، والموجب هو الله تعالى .

الفصل الأول

300 - ( عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا تقبل ) : أي : قبول إجابة وإثابة بخلاف المسبل والآبق ، فإن صلاتهما لا تقبل أيضا لكنها لا تقبل بترك الإثابة ، وتقبل إجابة فلا يرد ما قيل من أنه لا يلزم من عدم القبول عدم الجواز والصحة مع أن الطهارة شرط الصحة ( صلاة من أحدث ) : أي : صار ذا حدث قبل الصلاة أو في أثنائها ، والمراد بالصلاة المضافة صورتها أو باعتبار ما كانت ( حتى يتوضأ ) : أي : حقيقة أو حكما ، أو يتوضأ بمعنى يتطهر فيشمل الغسل والوضوء والتيمم . قال المظهر : المعنى لا يقبل الله صلاة بلا وضوء إلا إذا لم يجد الماء فيقوم التيمم مقامه ، فإن لم يجد التراب أيضا يصلي الفرض الوقتي لحرمة الوقت ، ثم إن مات قبل وجدان الماء والتراب لم يأثم وإن وجدهما يقضي اهـ .

وهذا عند الشافعي ، وأما عندنا فلا يصلي لحرمة الوقت سواء ضاق الوقت أوعدم الصعيد وهو ظاهر الحديث ، وما قيل من أنه للضرورة ولقوله عليه الصلاة والسلام : ( وإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم ) مدفوع بأن مضمون هذا الحديث أنه لا تقبل صلاته وأنه منهي عن أن يصلي بلا وضوء فيدخل تحت قوله : ( وإذا نهيتم عن أمر فاجتنبوه ) أي : مطلقا . وفي شرح الشمني : والمحبوس الذي لا يجد طهورا لا يصلي عندهما ، وعند أبي يوسف يصلي بالإيماء ثم يعيد ، وهو رواية عن محمد تشبيها بالمصلين قضاء لحق الوقت كما في الصوم ، ولهما أنه ليس بأهل للأداء لمكان الحدث ، فلا يلزمه التشبه كالحائض ، وبهذه المسألة تبين أن الصلاة بغير الطهارة متعمدا ليس بكفر ، فإنه لو كان كفرا لما أمر أبو يوسف به ، وقيل : كفر كالصلاة إلى غير القبلة أو مع الثوب النجس عمدا لأنه كالمستخف والأصح أنه لو صلى إلى غير القبلة أو مع الثوب النجس لا يكفر لأن ذلك يجوز أداؤه بحال ، ولو صلى بغير طهارة متعمدا يكفر لأن ذلك يحرم لكل حال فيكون مستخفا اهـ .

والظاهر إنه إذا قصد به حرمة الوقت لا يكفر لأن المسألة اجتهادية ولأنه لا يصدق عليه أنه مستخف ، بخلاف ما إذا صلى من غير طهارة عمدا لا لهذا القصد فإنه يكفر لأنه مستخف بالشرع حينئذ ، ولو صلى بلا طهارة حياء أو رياء أو كسلا فهل يكون مستخفا أم لا ؟ محل بحث ، والأظهر في المستحيي أن لا يكون مستخفا بخلاف الآخرين والله أعلم . وأغرب ابن حجر فقال : وإعادة الضمير يتوضأ للمحدث بما هو باعتبار ما كان ، ولعل وجهه أن التقدير فإذا توضأ وصلى قبلت صلاته أي : صلاة المحدث باعتبار ما كان ، وهنا تكلف مستغنى عنه ، ثم حتى هنا إما غائية أو تعليلية أو استثنائية ( متفق عليه ) .

التالي السابق


الخدمات العلمية