صفحة جزء
3073 - وعن أبي أمامة - رضي الله عنه - قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول في خطبته عام حجة الوداع : إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه ،فلا وصية لوارث . رواه أبو داود ، وابن ماجه ، وزاد الترمذي : " الولد للفراش وللعاهر الحجر ، وحسابهم على الله " .


3073 - ( وعن أبي أمامة قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول في خطبته عام حجة الوداع ) بفتح الواو ويكسر ( إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه ) أي : بين له حظه ونصيبه الذي فرض له ( فلا وصية لوارث ) قال المظهر : كانت الوصية للأقارب فرضا قبل نزول آية الميراث ، فلما نزلت بطلت الوصية فإن أوصى وأجاز باقي الورثة صحت ( رواه أبو داود ، وابن ماجه ، وزاد الترمذي : الولد للفراش ) بفتح الفاء أي : للأم ، في النهاية : وتسمى المرأة فراشا لأن الرجل يفترشها . أي : الولد منسوب إلى صاحب الفراش ، سواء كان زوجا أو سيدا ، أو واطئ شبهة ، وليس للزاني في نسبة حظ إنما الذي جعل له من فعله استحقاق الحد ، وهو قوله : ( وللعاهر الحجر ) قال التوربشتي : يريد أن له الخيبة ، وهو كقولك : له التراب ، والذي ذهب إلى الرجم فقد أخطأ لأن الرجم لا يشرع في سائره ، وكل ذي حق حقه يدل على أن لا نصيب لأحد بعدما بين الله الأنصباء إلا للأجنبي فلا حظ للأول فكيف بالثاني ؟ ، وكان من حق الظاهر أن يقول : لا حق للعاهر ثم له التراب ، فوضع الحجر موضعه ليدل بإشارة النص على الحد وبعبارته على الخيبة ، فكان أجمع من لو قيل التراب . ( وحسابهم على الله ) قال المظهر : يعني نحن نقيم الحد على الزناة وحسابهم على الله إن شاء عفا عنهم وإن شاء عاقبهم ، هذا مفهوم الحديث . وقد جاء من أقيم عليه الحد في الدنيا لا يعذب بذلك الذنب في القيامة ، فإن الله تعالى أكرم من أن يثني العقوبة على من أقيم عليه الحد ، ويحتمل أن يراد به من زنى أو أذنب ذنبا آخر ولم يقم عليه الحد فحسابه على الله إن شاء الله عفا عنه وإن شاء عاقبه .

أقول : ويمكن أن يقال : ونحن نجري أحكام الشرع بالظاهر ، والله تعالى أعلم بالسرائر ، فحسابهم على الله وجزاؤهم عند الله ، أو بقية محاسبتهم ومجازاتهم من الإصرار على ذلك بالذنب ومباشرة سائر الذنوب تحت مشيئة الله . قال الطيبي - رحمه الله - : " الضمير في حسابهم إذا رجع إلى العاهر بحسب الجنسية جاز إذا أريد بالحجر الحد ، وإذا أريد مجرد الحرمان فلا ، ويمكن أن يقال : إنه راجع إلى ما يفهم من الحديث من الورثة والعاهر ، وكان المعنى أن الله تعالى هو الذي قسم أنصباء الورثة بنفسه فأعطى بعضنا الكثير وبعضنا القليل ، وحجب البعض وحرم البعض ، ولا يعرف حساب ذلك وحكمته إلا هو ، فلا تبدلوا النص بالوصية للوارث وللعاهر ، وعلى هذا قوله : وحسابهم على الله حال من مفعول أعطى ، وعلى الأول من الضمير المستقر في الخبر في قوله : " وللعاهر الحجر " . وفي الجامع الصغير للسيوطي : " الولد للفراش وللعاهر الحجر " رواه الشيخان ، وأبو داود ، والنسائي ، عن ابن مسعود ، وعن ابن الزبير ، وابن ماجه ، عن عمر ، وعن أبي أمامة - رحمه الله - تعالى ، وقد عد من المتواتر .

التالي السابق


الخدمات العلمية