صفحة جزء
الفصل الثاني

3130 - وعن أبي موسى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " لا نكاح إلا بولي " رواه أحمد والترمذي وأبو داود وابن ماجه والدارمي .


( الفصل الثاني )

3130 - ( عن أبي موسى ) أي : الأشعري ( عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : لا نكاح إلا بولي ) قال ابن مالك : " عمل به الشافعي وأحمد وقالا : لا ينعقد بعبارة النساء أصلا ، سواء كانت أصلية أو وكيلة . قلت : المراد منه النكاح الذي لا يصح إلا بعقد ولي بالإجماع كعقد نكاح الصغيرة والمجنونة ، وقال السيوطي - رحمه الله - في شرح الترمذي : حمله الجمهور على نفي الصحة وأبو حنيفة - رحمه الله - على نفي الكمال . وقال زين العرب قال مالك : إن كانت المرأة دنيئة جاز أن تزوج نفسها أو توكل من يزوجها وإن كانت شريفة لا بد من وليها وقال ابن الهمام : حاصل ما في الولي من علمائنا سبع روايات روايتان عن أبي حنيفة - رحمه الله - أحدهما تجوز مباشرة العاقلة البالغة عقد نكاحها ونكاح غيرها مطلقا إلا أنه خلاف المستحب وهو ظاهر المذهب ، ورواية الحسن عنه إن عقدت مع كفؤ [ ص: 2062 ] جاز ومع غيره لا يصح واختيرت للفتوى لما ذكر من أن كم من واقع لا يرفع ، وليس كل ولي يحسن المرافعة والخصومة ولا كل قاض يعدل ولو أحسن الولي وعدل القاضي فقد يترك ؛ أنفة للتردد على أبواب الحكام واستثقالا لنفي الخصومات فيتقرر الضرر فكان منعه دفعا له وينبغي تقييد عدم الصحة المفتى به بما إذا كان لها أولياء أحياء ; لأن عدم الصحة إذا كان على ما وجه به هذه الرواية دفعا لضررهم وأما ما يرجع إلى حقها فقد سقط برضاها بغير الكفر ( رواه أحمد ، والترمذي ، وأبو داود ، وابن ماجه ، والدارمي ) وفي الجامع الصغير عن أبي موسى وابن ماجه عن ابن عباس ، قال ابن الهمام : " الحديث المذكور ونحوه معارض بقوله عليه الصلاة والسلام ( الأيم أحق بنفسها من وليها ) رواه مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي ومالك في الموطأ ، والأيم من لا زوج لها بكرا كانت أو ثيبا ، ووجه الاستدلال أنه أثبت لكل منها ومن الولي حقا في ضمن قوله أحق ومعلوم أنه ليس للولي سوى مباشرة العقد إذا رضيت وقد جعلها أحق منه به وبعد هذا إما أن يجري بين هذا الحديث وما رووا حكم المعارضة والترجيح أو طريقة الجمع فعلى الأول يترجح هذا بقوة السند وعدم الاختلاف في صحته بخلاف حديث " لا نكاح إلا بولي " فإنه ضعيف مضطرب في إسناده وفي وصله وانقطاعه وإرساله ، وكذا حديث عائشة - رضي الله عنها - الآتي عن ابن جريج عن سليمان بن موسى عن الزهري عن عروة عن عائشة وقد أنكره الزهري قال الطحاوي : وذكر ابن جريج أنه سأل عنه ابن شهاب فلم يعرفه حدثنا بذلك ابن أبي عمران ، حدثنا يحيى بن معين عن ابن علية عن ابن جريج بذلك ، وعلى الثاني وهو إعمال طريقة الجمع فبأن يحمل عمومه على الخصوص وذلك شائع وهذا يخص حديث أبي موسى بعد جواز كون النفي للكمال والسنة وهو محمل قولها : فإن النساء لا تلي ولا ينكحن في رواية البيهقي بأن يراد بالولي من يتوقف على إذنه أي : لا نكاح إلا بمن له ولاية لينفي نكاح الكافر المسلمة والمعتوهة والأمة والعبد أيضا لأن النكاح في الحديث عام غير مقيد ويخص حديث عائشة بمن نكحت غير الكفؤ ، والمراد بالباطل حقيقته على قول من لم يصحح ما باشرته من غير كفؤ أو حكمة على قول من يصححه ويثبت للولي حق الخصومة في فسخه ، وكل ذلك شائع في إطلاقات النصوص ويجب ارتكابه لدافع المعارضة بينهما على أنه يخالف مذهبهم ; فإن مفهومه إذا نكحت نفسها بإذن وليها كان صحيحا وهو خلاف مذهبهم . فثبت مع المنقول الوجه المعنوي وهو أنها تصرفت في خالص حقها وهو نفسها وهي من أهله كالمال فيحب تصحيحه مع كونه خلاف الأولى .

التالي السابق


الخدمات العلمية