صفحة جزء
[ ص: 2133 ] باب الخلع والطلاق

الفصل الأول

3274 - عن ابن عباس أن امرأة ثابت بن قيس أتت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت : يا رسول الله ثابت بن قيس ما أعتب عليه في خلق ولا دين ولكني أكره الكفر في الإسلام ! فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أتردين عليه حديقته ؟ قالت : نعم ، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : اقبل الحديقة وطلقها تطليقة . رواه البخاري .


( باب الخلع والطلاق )

في المغرب : خلع الملبوس نزعه ، وخالعت المرأة زوجها واختلعت منه إذا افتدت بمالها ، فإذا أجابها الرجل فطلقها قيل خلعها ، والاسم الخلع بالضم وإنما قيل ذلك ; لأن كلا لباس صاحبه ، فإذا فعل ذلك فكأنهما انتزعا لباسهما ؟ قال تعالى : ( هن لباس لكم وأنتم لباس لهن ) وفي العناية شرح الهداية الخلع في الشرع عبارة عن أخذ مال من المرأة بإزاء ملك النكاح بلفظ الخلع ، قال المظهر : اختلف في أنه لو قال خالعتك على كذا ، وقالت قبلت وحصلت الفرقة بينهما هل هي طلاق أم فسخ ؟ فمذهب أبي حنيفة ومالك وأصح قولي الشافعي أنه طلاق بائن كما لو قال : طلقتك أي على كذا ، ومذهب أحمد وأحد قولي الشافعي أنه فسخ ، ثم الطلاق اسم بمعنى التطليق كالسلام بمعنى التسليم والتركيب يدل على الحل والانحلال ، ومنه أطلقت الأسير إذا حللت إساره وخليت سبيله ، وأطلقت الناقة من العقال .

( الفصل الأول )

3274 - ( عن ابن عباس أن امرأة ثابت بن قيس ) : أي : ابن شماس واختلف في اسمها ، والراجح أنها حبيبة بنت سهل ، قال العسقلاني في التقريب : هي صحابية وهي التي اختلعت من ثابت بن قيس ، فتزوجها أبي بن كعب بعده ( أتت النبي - صلى الله عليه وسلم - ) : قيل وقد ضربها زوجها ضرب تأديب ( فقالت : يا رسول الله ثابت بن قيس ما أعتب ) : بكسر التاء ويضم أي ما أغضب وما أعيب ( عليه في خلق ) : بضمتين ( ولا دين ) : أي : لا أريد مفارقته لسوء خلقه وإساءة معاشرته ولا لنقصان في ديانته ( ولكني أكره الكفر في الإسلام ) : عرضت عما في نفسها من كراهة الصحبة وطلب الخلاص بقولها ولكني أكره الكفر أي كفران النعمة أو بمعنى العصيان ، تعني ليس بيني وبينه محبة وأكرهه طبعا ، فأخاف على نفسي في الإسلام ما ينافي حكمه من بغض ونشوز وغير ذلك مما يتوقع من الشابة المبغضة لزوجها ، فسمت ما ينافي مقتضى الإسلام باسم ما ينافيه نفسه ( فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أتردين عليه حديقته ؟ ) : أي : التي أعطاك بالمهر وهي أرض ذات شجر مثمر ( قالت : نعم ، قال رسول - الله صلى عليه وسلم ) : أي : لزوجها ( اقبل الحديقة وطلقها تطليقة ) : أمر استصلاح وإرشاد إلى ما هو الأصوب ، لا إيجاب وإلزام بالطلاق ، وفيه دليل على أن الأولى للمطلق أن يقتصر على طلقة واحدة ليتأتى له العود إليها إن اتفق بداء ، قال تعالى ( لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا ) : وفيه دليل على أن الخلع طلاق لا فسخ ، قال عبد الرزاق : ثنا جريج ، عن داود ، عن ابن العاص ، عن سعيد بن المسيب : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - " جعل الخلع تطليقة " ، ومراسيل سعيد لها حكم الوصل الصحيح لأنه من كبار التابعين ، وكبار التابعين قل أن يرسلوا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا عن صحابي ، وإن اتفق غيره نادرا فعن ثقة ، هكذا تتبعت مراسيله ، قال ابن الهمام : وبه يقوى ظن حجية ما رواه المصنف - يعني صاحب الهداية - عنه - صلى الله عليه وسلم - " الخلع تطليقة بائنة " وكذا ما أخرجه الدارقطني وسكت عليه ، وابن عدي ، اهـ . ويتعلق بهذا الحديث زيادة تأتي في الفصل الثالث إن شاء الله تعالى ( رواه البخاري ) .

[ ص: 2134 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية