صفحة جزء
3283 - وعن ركانة بن عبد يزيد أنه طلق امرأته سهيمة البتة ، فأخبر بذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - وقال : والله ما أردت إلا واحدة ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : والله ما أردت إلا واحدة ، فقال ركانة : والله ما أردت إلا واحدة ، فردها إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فطلقها الثانية في زمان عمر والثالثة في زمان عثمان . رواه أبو داود ، والترمذي ، وابن ماجه ، والدارمي إلا أنهم لم يذكروا الثانية والثالثة .


3283 - ( وعن ركانة ) : بضم الراء ( بن عبد يزيد أنه طلق امرأته سهيمة ) : بالتصغير ( البتة ) : بهمزة وصل أي قال : أنت طلاق البتة ، من البت : القطع ، قيل المراد بـ " البتة " الطلقة المنجزة ، يقال : عين باتة وبتة أي منقطعة عن علائق التعويق ، ثم طلاق البتة عند الشافعي واحدة رجعية وإن نوى بها اثنتين أو ثلاثا فهو ما نرى ، وعند أبي حنيفة واحدة بائنة وإن نوى ثلاثا فثلاث ، وعند مالك ثلاث ( فأخبر بذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - ) : المختار بناؤه للفاعل بناء على الأصل المؤيد برواية الأصل الأصيل المغني عن التقدير الذي هو خلاف الأصل . ( وقال : والله ما أردت إلا واحدة ) : عطف على ( فأخبر ) : وفي عبارة المصابيح " فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - وقال : إني طلقت امرأتي البتة والله ما أردت إلا واحدة " وهذا يقتضي أن أخبر يكون مجهولا ، وقال في عبارة المشكاة معطوفا على مقدر ، أي فأتى - صلى الله عليه وسلم - وقال : والله ما أردت إلا واحدة ( فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : والله ما أردت إلا واحدة ، فقال : ركانة والله ما أردت إلا واحدة ) : في شرح السنة : استدل الشافعي على أن الجمع بين الطلقات الثلاث مباح ، ولا يكون بدعة لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - سأله ما أردت بها ، ولم ينه أن يريد أكثر من واحدة وهو قول الشافعي - رحمه الله - وفيه بحث ، فإنه إنما يدل على وقوع الثلاث ، وأما على كونه مباحا أو حراما ، فلا ، والله - تعالى - أعلم قال القاضي - رحمه الله - : وفي الحديث فوائد منها الدلالة على أن الزوج مصدق باليمين فيما يدعيه ما لم يكذبه ظاهر اللفظ ، ومنها أن البتة مؤثرة في عدد الطلاق إذ لو لم يكن ، لما حلفه بأنه لم يرد إلا واحدة ، وأن من توجه عليه يمين فحلف قبل أن يحلفه الحاكم لم يعتبر حلفه إذ لو اعتبر لاقتصر على حلفه الأول ولم يحلفه ثانيا ، ومنها أن ما فيه احتساب للحاكم له أن يحكم فيه من غير مدع ( فردها إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم ) : أي : مكنه من الرد بتحديد النكاح عند أبي حنيفة ، فإن عنده يقع بهذا القول تطليقة بائنة سواء نوى واحدة أو اثنتين أو لم ينو شيئا وإن [ ص: 2140 ] نوى ثلاثا فثلاث ، وبالأمر بالرجعة عند الشافعي بأن يقول راجعتها إلى نكاحي ، وفي شرح السنة فيه أن طلاق البتة واحدة إذا لم يرد أكثر منها ، وأنها رجعية وروي عن علي - رضي الله عنه - أنه كان يجعل الخلية والبرية والباتة والبتة والحرام ثلاثا ( فطلقها الثانية ) : أي : الطلقة الثانية إما الرجعية وإما البائنة ( في زمان عمر - رضي الله عنه - والثالثة في زمان عثمان - رضي الله عنه - رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه والدارمي ، إلا أنهم ) : أي : الترمذي وابن ماجه والدارمي ( لم يذكروا الثانية والثالثة ) : قال ابن الهمام : وأما ما روى ابن إسحاق عن عكرمة عن ابن عباس رحمهم الله - تعالى - قال : طلق ركانة بن عبد يزيد زوجته ثلاثا في مجلس واحد فحزن عليها حزنا شديدا فسأله - صلى الله عليه وسلم - كيف طلقتها قال طلقتها ثلاثا في مجلس واحد ، قال : تملك طلقة واحدة فارتجعها فحديث منكر ، والأصل ما رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه أن ركانة طلق زوجته البتة فحلفه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه ما أراد إلا واحدة فردها إليه ، وطلقها الثانية في زمان عمر والثالثة في زمان عثمان - رضي الله عنهما - قال أبو داود : وهذا أصح ، اهـ . فيحمل قول المصنف لم يذكروا . . . إلخ على رواية لهم .

التالي السابق


الخدمات العلمية