صفحة جزء
باب المطلقة ثلاثا

الفصل الأول

3295 - عن عائشة قالت : جاءت امرأة رفاعة القرظي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت : إني كنت عند رفاعة فطلقني فبت طلاقي ، فتزوجت بعده عبد الرحمن بن الزبير وما معه إلا مثل هدبة الثوب ، فقال : أتريدين أن ترجعي إلى رفاعة ؟ قالت : نعم ، قال : لا حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك . متفق عليه .


( باب المطلقة ثلاثا )

أي حكمها في أنها لا تحل للزوج الأول بلا جماع الزوج الثاني وكان حقه أن يقول والإيلاء والظهار لذكر أحاديثهما فيه .

( الفصل الأول )

3295 - ( عن عائشة - رضي الله عنها - قالت : جاءت امرأة رفاعة ) : بكسر الراء ( القرظي ) : بضم القاف وفتح الراء بعده ظاء معجمة نسبة إلى قريظة قبيلة من اليهود ( إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت : إني كنت عند رفاعة ) : أي : تحته ( فطلقني فبت طلاقي ) : أي : قطعه فلم يبق من الثلاث شيئا ، وقيل طلقني ثلاثا وهو يحتمل الجمع والتفريق ( تزوجت بعده عبد الرحمن بن الزبير ) : الرواية بفتح الباء وقال ابن الهمام - رحمه الله - : بفتح الزاي لا غير ولم يذكره المؤلف في أسمائه ( وما معه ) : أي : ليس مع عبد الرحمن من آلة الذكورة ( إلا مثل هدبة الثوب ) : بضم الهاء وسكون الدال بعدها موحدة أي طرفه وهو طرف الثوب الغير المنسوج كناية عن عنته وضعف آلته شبهت به ذكره في الإرخاء والانكسار وعدم القيام والانتشار ، في النهاية : أرادت متاعه وأنه رخو مثل طرف الثوب لا يغني عنها شيئا ، وفي رواية " وإن ما معه مثل هدبة الثوب فتبسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " ( فقال ) : أي : النبي - صلى الله عليه وسلم - ( أتريدين أن ترجعي إلى رفاعة لا ) : وفي نسخة " قالت : نعم ، قال : لا ترجعي إليه " ( حتى تذوقي عسيلته ) : بضم وفتح أي لذة جماع عبد الرحمن ( ويذوق عسيلتك ) : كناية عن حلاوة الجمع والعسيل تصغير العسل والتاء فيها على نية اللذة أو النية أي حتى تجدي منه لذة ويجد منك لذة بتغيب الحشفة ، ولا يشترط إنزال المني خلافا للحسن البصري فإنه لا يحل عنده حتى ينزل الثاني حملا للعسيلة عليه ومنعنا بأنها تصدق معه مع [ ص: 2149 ] الإيلاج وإنما هو كمال ، وفي مسند أحمد أنه - صلى الله عليه وسلم - قال العسيلة هي الجماع ، قال الطيبي : شبه - صلى الله عليه وسلم - لذة الجماع بذوق العسل فاستعار لها ذوقا وإنما أنث لأنه أراد قطعة من العسل ودل على إعطائها معنى النطفة ، وقيل : العسل في الأصل يذكر ويؤنث ، وإنما صغره إشارة إلى القدر القليل الذي يحصل به الحل ، وفي شرح السنة : العمل على هذا عند عامة أهل العلم من الصحابة وغيرهم ، وقالوا : إذا طلق الرجل امرأته ثلاثا فلا تحل له بعد ذلك حتى تنكح زوجا غيره ، ويصيبها الزوج الثاني ، فإن فارقها أو مات عنها قبل إصابتها فلا تحل ولا تحل إصابة شبهة ولا زنا ولا ملك يمين ، وكان ابن المنذر يقول : في الحديث دلالة على أن الزوج الثاني إن واقعها وهي نائمة أو مغمى عليها لا تحس باللذة إنها لا تحل للزوج الأول ; لأن الذوق أن يحس باللذة ، وعامة أهل العلم على أنها تحل ، أقول : فكأنهم أرادوا أنه يكفي أنها لو أحست اللذة ، أو يقال أن الواو بمعنى أو لأنه جواب وهو الأشبه بالغرض من النفي ، ويدل عليه ما ورد في بعض الروايات من الاقتصار على قوله : حتى تذوق عسيلتها أو لأنه قد يتصور جماعها من غير لذة لها ، بخلاف الرجل فإنه لا يتصور جماعه من غير لذة له ، قال النووي : اتفقوا على أن تغييب الحشفة في قبلها كاف في ذلك من غير إنزال ، وشرط الحسن الإنزال لقوله " حتى تذوقي عسيلته " وهي النطفة ، قلت : يرد عليه قوله : " ويذوق عسيلتك " بل وفي ذكر الذوق إشارة إلى أن الإنزال ليس بشرط ؛ لأنه شبع ، وأيضا الجماع اختياري بخلاف الإنزال ، وأيضا لفظ الآية حتى تنكح ، والنكاح يطلق على العقد والوطء المطلق بالإجماع ، وفي الهداية : لا خلاف لأحد في شرط الدخول ، قال ابن الهمام : أي من أهل السنة والمراد الخلاف العالي سوى سعيد بن المسيب ، فلا يقدح فيه كون بشر المريسي وداود الظاهري والشيعة قائلين بقوله ، واستغرب ذلك من سعيد حتى قيل : لعل الحديث لم يبلغه ، ولو حكم حاكم بخلافه لا ينفذ ؛ لمخالفة الحديث المشهور ، قال الصدر الشهيد : ومن أفتى بهذا القول فعليه لعنة الله والناس أجمعين ، اهـ . وهذا لأن شرعية ذاك لإغاظة الزوج حتى لا يسرع في كثرة الطلاق عومل بما يبغض حين عمل أبغض ما يباح ( متفق عليه ) : قال ابن الهمام : رواه الجماعة إلا أبا داود وفي لفظ في الصحيحين إنها كانت تحت رفاعة فطلقها آخر ثلاث تطليقات وفي لفظ للبخاري : كذبت والله يا رسول الله إني لا أنفضها نفض الإديم ، ولكن ناشزة تريد أن ترجع إلى رفاعة ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وإن كان كذلك لم تحلي له حتى يذوق عسيلتك ، وروى الجماعة من حديث عائشة أنه - صلى الله عليه وسلم - سئل عن رجل طلق زوجته ثلاثا فتزوجت زوجا غيره فدخل بها ثم طلقها قبل أن يواقعها ، أتحل لزوجها الأول ؟ قال : لا حتى يذوق الآخر من عسيلتها ما ذاق الأول .

التالي السابق


الخدمات العلمية