صفحة جزء
3330 - وعن أم حبيبة ، وزينب بنت جحش - رضي الله عنها - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث ليال ، إلا على زوج أربعة أشهر وعشرا " . متفق عليه .


3330 - ( وعن أم حبيبة وزينب بنت جحش ) : بفتح جيم فسكون مهملة كلتاهما من أمهات المؤمنين ( عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " لا يحل ) : بالتذكير والرفع ، وفي بعض النسخ بالتأنيث ، ولا وجه له ، وهو نفي لفظا ومعنى ، وقول الطيبي نفي بمعنى النهي على سبيل التأكيد فيه نوع مسامحة ، والمعنى لا يجوز ( يحل لمرأة تؤمن بالله واليوم الآخر ) : أي : اكتفى بذكر طرفي المؤمن به عن بقيته اختصارا وإشارة إلى أن مدار الإيمان عليهما لا سيما في مقام التخويف . قال الطيبي - رحمه الله - : الوصف بالإيمان إشعار بالتعليل وأن من آمن بالله وبعقابه لا يجترئ على مثله من العظام ، والسياق بعبارته وإن دل على اختصاص المؤمن به دل بحضارته وكونه من عظائم الشئون من مخالفة أمر الله ورسوله على غيره ، ( أن تحد ) : بضم الفوقية وكسر الحاء المهملة وفتح الدال المشددة من أحد يحد كأعد يعد ، وفي نسخة بفتح أوله وضم ثانيه ، وقيل بكسره من حد يحد كفر يفر ومد يمد ، ذكره الشمني .

[ ص: 2183 ] وقال ابن الهمام : من باب نصر ومن باب طرب ومن باب الأفعال . وفي النهاية : أحدت المرأة على زوجها تحد فهي محدة ، وحدت تحد فهي حادة إذا حزنت عليه ، ولبست ثياب الحزن ، وتركت الزينة . وفي المشارق لعياض : هو بضم التاء وكسر الحاء وفتحها مع ضم الحاء ، قال : حدت وأحدت حدادا وإحدادا إذا امتنعت من الزينة والطيب ، وأصله المنع ، فالمعنى أن تمنع نفسها من الزينة وتترك الطيب .

( على ميت ) : أي : من ولد أو والد وغيرهما ( فوق ثلاث ليال ) : أي : زيادة عليها . قال ابن الهمام : وفي لفظ البخاري فوق ثلاثة أيام ( إلا على زوج ) : أي : حر ( أربعة أشهر وعشرا ) : قال النووي - رحمه الله - : جعلت أربعة أشهر لأن فيها ينفخ الروح في الولد وعشرا للاحتياط ، اهـ . وتقدم في كلام البيضاوي ما يوضحه . ( متفق عليه ) .

قال ابن الهمام : وفي الصحيحين من حديث زينب بنت أبي سلمة قالت : توفي حميم لأم حبيبة فدعت بطيب فمسحته بذراعيها ، وقالت : إنما أصنع هذا لأني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد فوق ثلاث إلا على زوج أربعة أشهر وعشرا " والحميم القرابة ، وقد روي بلفظ آخر ووقع فيه مفسرا هكذا ، لما توفي أبوها أبو سفيان ، ولا يخفى أنه لا دليل فيه على إيجاب الإحداد ، لأن حاصله استثناؤه من نفي الحل فيفيد ثبوت الحل ، ولا كلام فيه ، وعن هذا ذهب الشعبي والحسن البصري إلى أنه لا يجب ، ولكن يحل ، ويدل عليه ما أخرجه أبو داود في مراسيله ، عن عمرو بن شعيب ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رخص للمرأة أن تحد على زوجها حتى تنقضي عدتها ، وعلى من سواه ثلاثة أيام ، وألحق الاستدلال بنحو حديث حفصة في الصحيح ، أنه عليه الصلاة والسلام - قال : " لا يحل لامرأة تؤمن ، بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاثة أيام إلا على زوجها فإنها تحد عليه أربعة أشهر وعشرا " فإن فيه تصريحا بالإخبار .

التالي السابق


الخدمات العلمية