صفحة جزء
3347 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إذا صنع لأحدكم خادمه طعامه ، ثم جاءه به وقد ولي حره ودخانه فليقعده معه فليأكل ، فإن كان الطعام مشفوها قليلا فليضع في يده منه أكلة أو أكلتين . رواه مسلم .


3347 - ( وعن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إذا صنع " ) : أي طبخ لأحدكم خادمه ) : أي عبده أو أمته أو مطلقا ( طعامه ) : أي طعاما له ، وفي نسخة طعاما ( ثم جاء ) : أي جاءه كما في نسخة صحيحة ( به ) أي بطعامه ( وقد ولي بكسر اللام المخففة أي والحال أنه قد تولى أو قرب ( حره ) : أي ناره أو تعبه ( ودخانه ) : تخصيص بعد تعميم أو الأول مخصوص ببعض الجوارح والثاني ببعض آخر ( فليقعده معه ) : أمر من الإقعاد للاستحباب ( فليأكل ) : أي معه ، ولا يستنكفه كما هو دأب الجبابرة فإنه أخوه ، وأيضا أفضل الطعام ما كثرت عليه الأيدي على ما ورد . قال التوربشتي : قوله : ولي يجوز أن يكون من الولاية أي تولى ذلك ، وأن يكون من الولي وهو القرب والدنو ، والمعنى أنه قاسى كلفة اتخاذه وحملها عنك فينبغي أن تشاركه في الحظ منه ، ( فإن كان الطعام مشفوها ) : أي كثيرا آكلوه فقوله ( قليلا ) : حال ، وقيل : المشفوه القليل ، من قولهم رجل مشفوه إذا كثر سؤال الناس إياه حتى نفذ ما عنده ، وماء مشفوه إذا كثر نازلوه فاشتقاقه من الشفه فقليلا بدل منه أو تفسير له ، كذا حققه بعض الشارحين من أئمتنا . وفي الفائق : المشفوه القليل ، وأصل الماء الذي كثرت عليه الشفاه حتى قل ، وقيل : أراد أنه كان مكثورا عليه أي كثرت أكلته . قال التوربشتي : على قول من يفسر المشفوه بالقليل فقليلا بدل منه ، ويحتمل أن يكون تفسيرا له ( فليضع ) : أي المخدوم ( في يده ) : أي في يد الخادم ( منه ) أي من الطعام ( أكلة أو أكلتين ) أو للتنويع أو بمعنى بل ، وسببه أن لا يصير محروما فإن ما لا يدرك كله لا يترك كله ، والأكلة بضم الهمزة ما يؤكل دفعة وهو اللقمة ، في القاموس والنهاية : والأكلة بالضم اللقمة المأكولة وبالفتح المرة من الأكل ، وفي الفائق : الأكلة بالفتح اللقمة . قال النووي رحمه الله : الأكلة فيهما بضم الهمزة وفيه الحث على مكارم الأخلاق والمواساة في الطعام لا سيما في حق من صنعه أو حمله ; لأنه ولي حره ودخانه وتعلقت به نفسه وشم رائحته وهذا كله محمول على الاستحباب . ( رواه مسلم ) وفي الجامع الصغير بلفظ : ( إذا أتى أحدكم خادمه بطعامه قد كفاه علاجه ودخانه فليجلسه معه فإن لم يجلسه فليناوله أكلة أو أكلتين أخرجه الشيخان ، وأبو داود ، والترمذي ، وابن ماجه ، عن أبي هريرة .

التالي السابق


الخدمات العلمية