صفحة جزء
الفصل الثاني

3384 - عن البراء بن عازب - رضي الله عنه - قال : جاء أعرابي إلى النبي - عليه الصلاة والسلام - فقال : علمني عملا يدخلني الجنة . قال : " لئن كنت أقصرت الخطبة لقد أعرضت المسألة ، أعتق النسمة وفك الرقبة ) . قال : أوليسا واحدا ؟ قال : " لا ; عتق النسمة أن تفرد بعتقها . وفك الرقبة أن تعين في ثمنها ، والمنحة الوكوف ، والفيء على ذي الرحم الظالم ، فإن لم تطق ذلك فأطعم الجائع ، واسق الظمآن ، وأمر بالمعروف ، وانه عن المنكر ، فإن لم تطق ذلك فكف لسانك إلا من خير ) . رواه البيهقي في ( شعب الإيمان ) .


الفصل الثاني

3384 - ( عن البراء بن عازب ) ، صحابيان ( قال : جاء أعرابي إلى النبي - عليه الصلاة والسلام - فقال : علمني عملا يدخلني الجنة ) . بالرفع على أنه صفة لـ " عملا " ، وجوز جزمه على جواب الأمر وهو بفتح الياء ، ويجوز إسكانه ، والمراد إدخال الجنة ابتداء مع الناجين قال : ( لئن كنت أقصرت الخطبة لقد أعرضت المسألة ) . اللام الأولى موطأة للقسم ، ومعنى الشرطية أنك إن أقصرت في العبارة بأن جئت بعبارة قصيرة فقد أطنبت في الطلب حيث ملت إلى مرتبة كبيرة ، أو سألت عن أمر ذي طول وعرض ، إشارة إلى قوله تعالى جل شأنه وجنة عرضها السماوات والأرض وهذه جملة معترضة والجواب ( أعتق النسمة ) : بفتحتين وهي الروح أو النفس ، أي أعتق ذا نسمة ( وفك ) : بضم الفاء وفتح الكاف ويجوز كسره أي وأخلص ( الرقبة ) : أي عن العبودية ، وفي الكلام تفنن ، ولذا أظهر موضع المضمر ( قال ) : أي الأعرابي ( أوليسا ) : أي الإعتاق والفك ( واحدا ) : أي في المعنى ( قال : لا ) : أي بل فرق بينهما ( عتق النسمة ) : أي أعتقها فعبر بحاصل المصدر عن المصدر ( أن تفرد ) : أصله أن تتفرد من [ ص: 2216 ] التفرد ، وفي نسخة من التفريد ، وفي أخرى من الإفراد ، والمعنى أن تنفرد وتستقل ( بعتقها ، وفك الرقبة أن تعين في ثمنها ) . قال الطيبي رحمه الله : ووجه الفرق المذكور أن العتق إزالة الرق ، وذلك لا يكون إلا من المالك الذي يعتق ، وأما الفك فهو السعي في التخليص ، فيكون من غيره كمن أدى النجم عن المكاتب أو أعانه . ( والمنحة ) : بكسر فسكون هي العطية ، والمراد هنا ناقة أو شاة يعطيها صاحبها لينتفع بلبنها ووبرها مادامت تدر ، وقوله : ( الوكوف ) : بفتح أوله صفة لها وهي الكثيرة اللبن من وكف البيت إذا قطر ( والفيء ) : بالهمز في آخره أي التعطف والرجوع بالبر ، والرواية المشهورة فيهما النصب على تقدير : وامنح المنحة وآثر الفيء ليحسن العطف على الجملة السابقة ، وفي بعض النسخ بالرفع ، فإن صحت الرواية فعلى الابتداء . والتقدير : ومما يدخل الجنة المنحة والفيء ( على ذي الرحم ) : أي على القريب ( الظالم ) ، أي عليك بقطع الصلة وغيره ( فإن لم تطق ذلك ) : أي ما ذكر ( فأطعم الجائع واسق ) : بهمز وصل أو قطع وهو أنسب هنا ( الظمآن ) : أي العطشان ( وأمر بالمعروف وانه عن المنكر ) ، أي اجمع بين الإحسان الحسي والمعنوي ( فإن لم تطق ذلك ) : أي جميع ما ذكر ، أو ما ذكر من الأمرين ، أو من الأمر الأخير وهو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ( فكف ) : بضم الكاف وفتح الفاء المشددة ، ويجوز ضمه وكسره أي : فامنع لسانك ( إلا من خير ) . ونظيره حديث : ( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت ) . قيل : المراد بالخير ما يترتب عليه الثواب ، فالمباح ليس بخير ، والظاهر أن المراد بالخير هنا ما يقابل الشر فيشمل المباح ، وإلا فلا يستقيم الحصر أو ينقلب المباح مندوبا ، وهذا فذلكة الحديث ، وإشارة إلى أن ذلك أضعف الإيمان أي حاله أو زمانه ، كما هو في عصرنا ، ولذا قيل : وقتنا وقت السكوت ، ولزوم البيوت ، والقناعة بالقوت إلى أن يموت . ( رواه البيهقي في ( شعب الإيمان ) .

التالي السابق


الخدمات العلمية