صفحة جزء
3434 - وعن كعب بن مالك - رضي الله عنه - قال : قلت : يا رسول الله إن من توبتي أن أنخلع من مالي صدقة إلى الله وإلى رسوله . فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " أمسك بعض مالك فهو خير لك " . قلت : فإني أمسك سهمي الذي بخيبر . متفق عليه . وهذا طرف من حديث مطول .


3434 - ( وعن كعب بن مالك ) : قال المؤلف : كان أحد شعراء النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو أحد الثلاثة الذين تخلفوا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في غزوة تبوك ، وهم كعب بن مالك ، وهلال بن أمية ، ومرارة بن الربيع اهـ . ويجمع أوائل الأسماء الثلاثة لفظ مكة ( قال : قلت : يا رسول الله إن من توبتي ) أي : عن التخلف في غزوة تبوك بلا عذر ، والتوبة هي الندامة والعزم على الاستقامة ، فالمعنى من تمامها ( أن أنخلع من مالي ) أي : أتجرد عنه كما يتجرد [ ص: 2249 ] الإنسان وينخلع من ثيابه ( صدقة إلى الله وإلى رسوله ) : في النهاية أي : أخرج عنه جميعه وأتصدق به ، وأعرى منه كما يعرى الإنسان إذا خلع ثوبه . قال الطيبي رحمه الله : هذا الانخلاع ليس بظاهر في معنى النذر ، وإنما هو كفارة كما ذهب إليه المظهر كأنه قال : ما أنا فيه يقتضي خلع مالي صدقة مكفرة ، وإما شكرا كما في شرح مسلم حيث قال : فيه استصحاب الصدقة شكرا للنعم المتجددة ، لا سيما ما عظم منها ، وذلك أن كعب بن مالك ، ومرارة بن الربيع ، وهلال بن أمية تخلفوا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في خروجه إلى غزوة تبوك ، ثم ندموا من سوء صنيعهم ذلك ، فتابوا إلى الله ، فقبل الله توبتهم بعد أيام ، وأنزل فيهم وعلى الثلاثة أي : وتاب بمعنى أوقع قبول التوبة على الثلاثة الذين خلفوا أي : تخلفوا عن الغزو بمعنى خلفهم الشيطان ، أو خلف أمرهم ، فإنهم المرجون ، حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت أي : برحبها بمعنى مع سعتها ، فأراد كعب أن يتصدق بجميع ماله شكرا لله تعالى لقبول توبته ، ولعل ذكره في باب النذر لشبهه النذر في أن أوجب على نفسه ما ليس بواجب لحدوث أمر . ( فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " أمسك بعض مالك " ) : الظاهر أنه الثلثان كما سيأتي في حديث أبي لبابة ( " فهو خير لك " ) : قال النووي رحمه الله : إنما أمره - صلى الله عليه وسلم - بالاقتصار على الصدقة ببعضه خوفا من تضرره ، وأن لا يتصبر على الفاقة ، ولا يخالف هذا صدقة أبي بكر - رضي الله عنه - بجميع ماله ; لأنه كان صابرا راضيا ( قلت : فإني أمسك سهمي الذي بخيبر ) أي : من العقار أو غيره ( متفق عليه ) أي : المذكور هنا ( طرف ) أي : بعض ( من حديث مطول ) أي : ذكره الأئمة كالشيخين وغيرهما في كتبهم بطوله ، واقتصر عليه صاحب المصابيح ، لأنه في الجملة متعلق الباب ، وذكر مطولا في تفسيره معالم التنزيل بإسناده المتصل إلى البخاري .

التالي السابق


الخدمات العلمية