صفحة جزء
3456 - وعن جابر رضي الله عنه : أن الطفيل بن عمرو الدوسي لما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة هاجر إليه ، وهاجر معه رجل من قومه ، فمرض فجزع ، فأخذ مشاقص له ، فقطع بها براجمه ، فشخبت يداه ، حتى مات ، فرآه الطفيل بن عمرو في منامه وهيئته حسنة ورآه مغطيا يديه ، فقال : ما صنع بك ربك ؟ فقال : غفر لي بهجرتي إلى نبيه صلى الله عليه وسلم . قال : ما لي أراك مغطيا يديك ؟ قال : قيل لي : لن نصلح منك ما أفسدت ، فقصها الطفيل على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " اللهم وليديه فاغفر " . رواه مسلم .


3456 - ( وعن جابر ، أن الطفيل بن عمرو الدوسي ) : بفتح أوله . قال المؤلف : أسلم وصدق النبي صلى الله عليه وسلم بمكة ، ثم رجع إلى بلاد قومه ، فلم يزل بها حتى هاجر إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو بخيبر بمن تبعه من قومه ، فلم يزل مقيما عنده إلى أن قبض النبي صلى الله عليه وسلم وقتل يوم اليمامة شهيدا روى عنه جابر وأبو هريرة . ( ولما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة هاجر ) : أي الطفيل ( إليه ) ، أي إلى النبي صلى الله عليه وسلم ( وهاجر معه ) : أي مع الطفيل ( رجل من قومه ، فمرض ) : أي الرجل ( فجزع ، فأخذ مشاقص له ) : بفتح الميم وكسر القاف جمع مشقص كمنبر وهو السكين ، وقيل : نصل السهم إذا كان طويلا غير عريض ، كذا في القاموس ، واقتصر في النهاية على الثاني ( فقطع بها ) : أي ببعض المشاقص ( براجمه ) ، بفتح الموحدة وكسر الجيم جمع برجمة بضم الباء والجيم ، وهي مفاصل الأصابع التي بين الرواجب ، وهي المفاصل التي تلي الأنامل وبين الأشاجع ، وهي التي تلي الكف ، كذا في بعض شروح المصابيح ، وفي النهاية : البراجم هي العقد التي في ظهور الأصابع يجتمع فيها الوسخ الواحدة برجمة بالضم ، ( فشخبت ) : بفتح المعجمتين أي سالت ( يداه ) : أي دمهما ( حتى مات ، فرآه الطفيل بن عمرو في منامه وهيئته ) : أي سمة الرجل وحاله ( حسنة ) : جملة حالية ( ورآه ) : بصيغة الماضي عطفا على الأول ، وفي نسخة بهمزة بعد الألف ممدودة أي عقبه ظرف لقوله فرآه ، ثم قوله : ( مغطيا يديه ) ، بكسر الطاء حال من المفعول ( فقال ) : أي الطفيل ( له : ما صنع بك ربك ؟ قال : غفر لي بهجرتي إلى نبيه صلى الله عليه وسلم . فقال : ما لي ) : بفتح الإضافة وسكونها ( أراك مغطيا يديك ؟ قال : قيل لي ) : أي بواسطة أو غيرها ( لن نصلح منك ما أفسدت ) : أي بيديك ، ولعل التقدير إلا إن شفع رسول الله صلى الله عليه وسلم . ( فقصها ) : أي فحكى الرؤيا ( الطفيل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " اللهم وليديه " ) . عطف على مقدر أي تجاوز عنه وليديه ( " فاغفر " ) .

قال الطيبي رحمه الله : عطف من حيث المعنى على قوله : وقيل لي لن نصلح منك ما أفسدت ; لأن التقدير : قيل لي غفرنا لك سائر أعضائك إلا يديك ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " اللهم وليديه فاغفر " . واللام متعلق بقوله : فاغفر . قال التوربشتي : هذا الحديث وإن كان فيه ذكر رؤيا أريها الصحابي للاعتبار بما يؤول تعبيره ، فإن قول النبي صلى الله عليه وسلم : " اللهم وليديه فاغفر " . من جملة ما ذكرنا من الأحاديث الدالة على أن الخلود غير واقع في حق من أتى بالشهادتين ، وإن قتل نفسه ; لأن نبي الله صلى الله عليه وسلم دعا للجاني على نفسه بالمغفرة ، ولا يجوز في حقه أن يستغفر لمن وجب عليه الخلود بعد أن نهي عنه . ( رواه مسلم ) .

[ ص: 2264 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية