صفحة جزء
3457 - وعن أبي شريح الكعبي رضي الله عنه ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " ثم أنتم يا خزاعة ! قد قتلتم هذا القتيل من هذيل ، وأنا والله عاقله ، من قتل بعده قتيلا فأهله بين خيرتين : إن أحبوا قتلوا ، وإن أحبوا أخذوا العقل " . رواه الترمذي ، والشافعي .


3457 - ( وعن أبي شريح ) : بالتصغير ( الكعبي ) : قال المؤلف : هو أبو شريح خويلد بن عمرو الكعبي العدوي الخزاعي ، أسلم قبل الفتح ، ومات بالمدينة سنة ثمان وستين ، روى عنه جماعة وهو مشهور بكنيته . ( عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " قال : ثم أنتم يا خزاعة " ) : بضم أوله ، وهذا من تتمة خطبته عليه الصلاة والسلام يوم الفتح مقدمته مذكورة في الفصل الأول من باب حرم مكة من كتاب الحج ، وكانت خزاعة قتلوا في تلك الأيام رجلا من قبيلة بني هذيل بقتيل لهم في الجاهلية ، فأدى رسول الله صلى الله عليه وسلم عنهم ديته لإطفاء الفتنة بين الفئتين ( " قتلتم هذا القتيل من هذيل " ) : بالتصغير ( " وأنا والله عاقله " ) : أي : مؤد ديته من العقل وهو الدية ، سميت به ; لأن إبلها تعقل بفناء ولي الدم ، أو لأنها تعقل أي : تمنع دم القاتل عن السفك . ( " من قتل بعده " ) : أي : منكم ومن غيركم ( " قتيلا فأهله " ) : أي : وارث القتيل ( " بين خيرتين " ) : بكسر ففتح ويسكن أي : اختيارين ، والمعنى مخير بين أمرين ( " إن أحبوا قتلوا " ) : أي : قاتله ( " وإن أحبوا أخذوا العقل " ) : أي : الدية من عاقلة الدية .

قال الطيبي رحمه الله : فيه دليل على أن ولي الدم يخير بينهما ، فلو عفا عن القصاص على الدية أخذ بها القاتل ، وهو المروي عن ابن عباس ، وقول سعيد بن المسيب ، والشعبي ، وابن سيرين ، وقتادة ، وإليه ذهب الشافعي ، وأحمد وإسحاق . وقيل : لا تثبت الدية إلا برضا القاتل ، وهو قول الحسن والنخعي ، وإليه ذهب مالك وأصحاب أبي حنيفة . وقال بعض علمائنا من شراح المصابيح : الخيرة الاسم من الاختيار ، وتأويل الحديث عند من يرى أن الواجب للولي القصاص لا غير أن الولي بين خيرتين القصاص أو الدية إن بذلت له قال المظهر : فيه دليل على أن الدية مستحقة لأهله كلهم ويدخل في ذلك الرجال والنساء والزوجات ; لأنهم جميعا أهله ، وفيه دليل على أن بعضهم إذا كان غائبا أو طفلا لم يكن للباقين القصاص حتى يبلغ الطفل ويقدم الغائب ، وهو قول الشافعي . ( رواه الترمذي والشافعي ) .

التالي السابق


الخدمات العلمية