صفحة جزء
3511 - وعن يعلى بن أمية رضي الله عنه قال : غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم جيش العسرة وكان لي أجير فقاتل إنسانا فعض أحدهما يد الآخر ، فانتزع المعضوض يده من في العاض ، فأندر ثنيته فسقطت فانطلق إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأهدر ثنيته ، وقال : ( أيدع يده في فيك تقضمها كالفحل ) متفق عليه .


3511 - ( وعن يعلى بن أمية ) : أي : التميمي الحنظلي ، أسلم يوم الفتح وشهد حنينا والطائف وتبوك ، وروى عنه ابنه صفوان وعطاء ومجاهد وغيرهم قتل بصفين مع علي بن أبي طالب ( قال : غزوت ) : أي : الكفار ( مع رسول الله صلى الله عليه وسلم جيش العسرة ) : أي : في غزوة تبوك ، وسمي جيش العسرة لما فيها من كثرة الحر وقلة الزاد والظهر . قال الطيبي : غزوت العدو قصدته للقتال غزوا وقوله مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حال من الفاعل ، وجيش العسرة حال من رسول الله صلى الله عليه وسلم والمعنى قصدت مصاحبا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حال كونه مجهزا جيش العسرة ، وفي حديث عثمان : أنه جهز جيش العسرة وهو جيش غزوة تبوك ، سمي به لأنه ندب الناس إلى الغزو في شدة القيظ ، وكانت وقت إيناع الثمرة وطيب الظلال ، فعسر ذلك عليهم وشق والعسر ضد اليسر وهو الضيق والشدة والصعوبة . ( وكان لي أجير ، فقاتل إنسانا ) : أي : خاصمه ( فعض أحدهم يد الآخر ، فانتزع ) : وفي نسخة . فنزع أي : جذب ( المعضوض يده من في العاض ) أي : من فمه ( قال أندر ثنيته ) : أي : أسقطه المعضوض ( فسقطت ) : أي : ثنية العاض ( فانطلق إلى النبي صلى الله عليه وسلم أي فذهب العاض إليه رافعا لقضيته ، طالبا قصاص ثنيته ( فأهدر ) : أبطل النبي صلى الله عليه وسلم ثنيته ) : أي : ما يتعلق بها ، والمعنى لم يلزمه شيئا ( قال ) : أي النبي صلى الله عليه وسلم : ( أيدع يده في فيك ) : أي : أيتركها في فمك ( تقضمها ) : فتح الضاد المعجمة ويكسر من قضم كفرح أكل بأطراف أسنانه على ما في القاموس والمغرب والمصباح إلا أن صاحب المصباح جعله من باب ضرب لغة ( كالفحل ) أي : كقضم الفحل من الإبل يعني من غير شفقة وروية . قال القاضي قوله : أيدع يده . . . إلخ إشارة إلى علة الإهدار ، وهو أن ما يدفع به الصائل المختار إذا تعين طريقا أي دفعه مهدر ; لأن الدافع مضطر إليه ألجأه الصائل إلى دفعه به وهو نتيجة فعله ومسبب عن جنايته ، وكأنه الذي فعله وجنى به على نفسه . في شرح السنة : وكذلك لو قصد رجل الفجور بامرأة فدفعته عن نفسها فقتلته لا شيء عليها ، رفع لعمر رضي الله عنه جارية كانت تحتطب فأتبعها رجل فراودها عن نفسها ، فرمته بحجر فقتلته ، فقال عمر رضي الله عنه : هذا قتيل الله ، والله لا يودى أبدا . وهو قول الشافعي ، وكذا من قصد ماله ودمه وأهله فله دفع القاصد ومقاتلته . وينبغي أن يدفع بالأحسن فالأحسن ، فإن لم يمتنع إلا بالمقاتلة وقتله فدمه هدر وهل له أن يستسلم ؟ نظر إن أريد ماله فله ذلك ، وإن أريد دمه ولا يمكن دفعه إلا بالقتل ، فقد ذهب قوم إلى أن له الاستسلام إلا أن يكون القاصد كافرا أو بهيمة ، وذهب قوم إلى أن الواجب الاستسلام . ( متفق عليه ) .

التالي السابق


الخدمات العلمية