صفحة جزء
3542 - وعن عبد الرحمن بن عبد الله عن أبيه قال : كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فانطلق لحاجته فرأينا حمرة معها فرخان فأخذنا فرخيها فجاءت الحمرة فجعلت تفرش فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فقال : من فجع هذه بولدها ردوا ولدها إليها ، ورأى قرية نمل قد حرقناها قال : من حرق هذه فقلنا : نحن . قال : إنه ، لا ينبغي أن يعذب بالنار إلا رب النار . رواه أبو داود .


3542 - ( وعن عبد الرحمن بن عبد الله ) أي ابن عمار المكي روى عن جابر وسمع معاذا وروى عنه جماعة ذكره المصنف في فصل التابعين ( عن أبيه ) لم يذكره المصنف في أسمائه ( قال : كنا ) وفي نسخة كان أي هو ( مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فانطلق لحاجته ) أي فذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم لقضاء حاجته إلى البراز ( فرأينا حمرة ) بضم فتشديد ميم وقد يخفف طائر صغير كالعصفور كذا في النهاية ( معها فرخان ) أي فروجتان ( فأخذنا فرخيها ) أي في غيبتها أو في حضرتها ( فجاءت الحمرة فجعلت ) أي شرعت ( تفرش ) بحذف إحدى التاءين وتشديد الراء وفي نسخة صحيحة بضم التاء وكسر الراء المشددة وفي أخرى بفتح التاء وسكون الفاء وضم الراء في النهاية هو أن تفرش جناحها وتقرب من الأرض وترفرف والتفريش أن تفترق وتظلل بجناحيها على من تحتها قال التوربشتي في كتاب أبي داود : فجعلت تفرش أو تفرش بضم حرف المضارعة من التفريش والتفرش ذكر الخطابي في المعالم أن التفرش من فرش الجناح بسطه والتفريش أن يرتفع فوقهما فيظلل عليهما يعني على الفرخين ولا أرى الصواب فيه إلا أن ( تفرش ) على بناء المضارع حذف تاؤه لاجتماع التاءين ( فجاء النبي صلى الله عليه وسلم ) أي فرجع فرأى تفرشها ( فقال : من فجع ) بتشديد الجيم أي فزع ( هذه ) أي الحمرة ( بولدها ) أي بسبب أخذ أولادها ( ردوا ولدها إليها ) الأمر للندب ; لأن اصطياد فرخ الطائر جائز ( ورأى ) عطف على فانطلق أي أبصر رسول الله صلى الله عليه وسلم ( قرية نمل ) أي بيت نمل أو موضع نمل ( قد حرقناها ) بتشديد الراء أي أحرقنا نملها ( قال : من حرق هذه ) أي النمل والتأنيث باعتبار الجنس ( فقلنا : نحن قال إنه ) أي الشأن [ ص: 2315 ] لا ينبغي ) أي لا يصح ولا يجوز ( أن يعذب بالنار إلا رب النار ) وهذا يرشدك إلى فائدة صحبة المرشد فإنه في ساعة من غيبته مع بركة حضوره وقع من الأصحاب أمران على خلاف الصواب قال القاضي : إنما منع التعذيب بالنار لأنه أشد العذاب ولذلك أوعد بها الكفار قال الطيبي رحمه الله : لعل المنع من التعذيب بها في الدنيا أن الله جعل النار فيها لمنافع الناس وارتفاقهم فلا يصح منهم أن يستعملوها في الإضرار ولكن له أن يستعملها فيه لأنه ربها ومالكها يفعل ما يشاء من التعذيب بها والمنع منه ، وإليه أشار بقوله رب النار وقد جمع الله تعالى الاستعمالين في قوله نحن جعلناها تذكرة ومتاعا للمقوين أي تذكيرا لنار جهنم لتكون حاضرة للناس يذكرون ما أوعدوا به وعلقنا بها أسباب المعايش كلها ( رواه أبو داود ) وفي الجامع الصغير روى أحمد وأبو داود وابن ماجه عن ابن عباس مرفوعا نهى عن قتل أربع من الدواب النملة والنحلة والهدهد والصرد وهو بضم الصاد المهملة وفتح الراء طائر معروف ضخم الرأس والمنقار له ريش عظيم نصفه أسود ونصفه أبيض ، وروى أحمد وأبو داود والنسائي والحاكم عن عبد الرحمن بن عثمان التيمي : نهى عن قتل الضفدع للدواء وروى ابن ماجه عن أبي هريرة نهى عن قتل الصرد والضفدع والنملة والهدهد قال الخطابي : أما نهيه عن قتل النحل فلما فيها من المنفعة وأما الهدهد والصرد فإنما نهى عن قتلهما لتحريم لحمهما وذلك أن الحيوان إذا نهي عن قتله ولم يكن ذلك لحرمته ولا لضرر فيه كان ذلك لتحريم لحمه .

التالي السابق


الخدمات العلمية