صفحة جزء
3564 - وعن علي رضي الله عنه ، قال : يا أيها الناس أقيموا على أرقائكم الحد من أحصن منهم ومن لم يحصن ، فإن أمة لرسول الله صلى الله عليه وسلم زنت فأمرني أن أجلدها ، فإذا هي حديث عهد بنفاس ، فخشيت إن أنا جلدتها أن أقتلها فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم ، قال : ( أحسنت ) . رواه مسلم . وفي رواية أبي داود : قال ( دعها حتى ينقطع دمها ثم أقم عليها الحد ، وأقيموا الحدود على ما ملكت أيمانكم ) .


3564 - ( وعن علي رضي الله عنه قال : يا أيها الناس ) أي المؤمنون ( أقيموا على أرقائكم ) : بتشديد القاف جمع رقيق أي : من عبادكم وإمائكم ( الحد ) : أي ضرب جلد ( من أحصن ) : أي وتزوج ( منهم ) : أي منهن ففيه حذف أو تغليب ( ومن لم يحصن ) ، قال الطيبي : وتقييد الأرقاء بالإحصان ، مع أن الحرية شرط الإحصان يراد به كونهن مزوجات لقوله تعالى : فإذا أحصن فإن أتين بفاحشة فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب حيث وصفهن بالإحصان ، فقال : فإذا أحصن وحكم ( فإن أمة لرسول الله صلى الله عليه وسلم زنت ، فأمرني أن أجلدها ) وهذا التعليل يؤيد ما قدمناه من التأويل ( فإذا هي حديث عهد ) : أي جديد زمان ( بنفاس ، فخشيت إن أنا جلدتها أن أقتلها ) . قال الطيبي هو مفعول فخشيت وجلدتها مفسر لعامل أنا المقدر بعد إن الشرطية كقول الحماسي :


وإن هي لم تحمل عن النفس ضيمها فليس إلى حسن الثناء سبيل



وجواب الشرط محذوف دل عليه الكلام المعترض فيه بين الفعل ومفعوله . ( فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال : ( أحسنت ) . فيه : إن جلد ذات النفاس يؤخر حتى تخرج من نفاسها ; لأن نفاسها نوع مرض فتؤخر إلى زمان البرء . قال ابن الهمام : وإذا زنى المريض وحده الرجم بأن كان محصنا حد ; لأن المستحق قتله ورجمه في هذه الحالة أقرب إليه ، وإن كان حده الجلد لا يجلد حتى يبرأ ; لأن جلده في هذه الحالة قد يؤدي إلى هلاكه ، وهو غير المستحق عليه ، ولو كان المرض لا يرجى زواله كالسل ، أو كان خداجا ضعيف الخلقة ، فعندنا وعند الشافعي يضرب بعثكال فيه مائة شمراخ فيضرب به دفعة ، ولا بد من وصول كل شمراخ إلى بدنه ، ولذا قيل : لا بد حينئذ أن تكون مبسوطة ، ولخوف التلف لا يقام الحد في البرد الشديد والحر الشديد ، بل يؤخر إلى اعتدال الزمان ، وإذا زنت الحامل لا تحد حتى تضع حملها ولو جلدا كيلا يؤدي إلى هلاك الولد لأنه نفس محرمة لأنه مسلم لا جريمة منه ( رواه مسلم . وفي رواية أبي داود : قال ( دعها ) : أي اتركها ( حتى ينقطع دمها ) : أي دم نفاسها ( ثم أقم عليها الحد ، وأقيموا الحدود على ما ملكت أيمانكم ) . أي لا تتركوا الحدود عليهم ، فإن منفعتها واصلة إليكم وإليهم ، وليس فيه صراحة دلالة على أن للموالي إقامة حدود مماليكهم ، ونظيره ما ورد من قوله صلى الله عليه وسلم : ( أقيموا حدود الله تعالى في البعيد والقريب ، ولا تأخذكم في الله لومة لائم ) . رواه ابن ماجه ، عن عبادة بن الصامت ، ويدل عليه اتفاق أصحابنا في كتبهم نقلا عن الصحابة موقوفا ومرفوعا : إن ولاية الحد إلى الولاة والله تعالى أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية