صفحة جزء
3567 - وعن يزيد بن نعيم ، عن أبيه ، أن ماعزا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فأقر عنده أربع مرات ، فأمر برجمه وقال لهزال : ( لو سترته بثوبك كان خيرا لك ) قال ابن المنكدر : إن هزالا أمر ماعزا أن يأتي النبي صلى الله عليه وسلم فيخبره . رواه أبو داود .


3567 - ( وعن يزيد بن نعيم ) : بالتصغير ( عن أبيه ) : أي هزال الأسلمي يكنى أبا نعيم ، روى عنه ابنه نعيم ، ومحمد بن المنكدر ( أن ماعزا أتى النبي صلى الله عليه وسلم ، فأقر عنده أربع مرات ) ، أي في أربعة مجالس ( فأمر برجمه ) : أي فرجم ( وقال ) : أي النبي صلى الله تعالى عليه وسلم ( لهزال ) : بتشديد الزاي مبالغة هازل ( لو سترته بثوبك كان خيرا لك قال ) : وفي نسخة وقال ( ابن المنكدر : إن هزالا أمر ماعزا أن يأتي النبي صلى الله عليه وسلم فيخبره ) . وذلك أن هزالا كان له مولاة اسمها فاطمة وقع عليها ماعز ، فعلم به هزال فأشار إليه بالمجيء إلى النبي صلى الله تعالى عليه وسلم يريد به السوء والهوان قصاصا لفعله بمولاته كذا قيل ، والأظهر أنه كان ذلك نصيحة له من هزال على ما سيروى في الحديث الثاني من الفصل الثالث . ( رواهأبو داود ) .

قال ابن الهمام : أخرج البخاري ، عن أبي هريرة مرفوعا ( من نفس عن مسلم كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب الآخرة ، ومن ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة والله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه ) . وأخرج أبو داود والنسائي ، عن عقبة بن عامر عنه عليه الصلاة والسلام قال : ( من رأى أي عورة فسترها كان كما أحيا موءودة ) ، فإذا كان الستر مندوبا إليه ينبغي أن تكون الشهادة به خلاف الأولى التي مرجعها إلى كراهة التنزيه ؛ لأنها في رتبة الندب في جانب الفعل ، وكراهة التنزيه في جانب الترك ، وهذا يجب أن يكون بالنسبة إلى من لم يعتد الزنا ولم يتهتك به ، أما إذا وصل الحال إلى إشاعته والتهتك به ، بل بعضهم ربما افتخر به ، فيجب كون الشهادة به أولى من تركها ; لأن مطلوب الشارع إخلاء الأرض من المعاصي والفواحش بالخطابات المفيدة لذلك ، وذلك يتحقق بالتوبة من الفاعلين وبالزجر لهم فإذا ظهر الشره في الزنا مثلا والشرب وعدم المبالاة به وإشاعته وإخلاء الأرض المطلوب حينئذ بالتوبة احتمال يقابله ظهور عدمها ، مما اتصف بذلك فيجب تحقق السبب الآخر للإخلاء ، وهو الحدود بخلاف من زل مرة أو مرارا مستترا متخوفا متندما عليه ، فإنه محل استحباب ستر الشاهد ، وقوله عليه الصلاة والسلام لهزال في ماعز : ( لو كنت سترته بثوبك ) الحديث ، كان في مثل من ذكرنا ، والله تعالى أعلم .

[ ص: 2343 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية