صفحة جزء
3597 - وعنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ليس على خائن ولا منتهب ولا مختلس قطع .

رواه الترمذي والنسائي وابن ماجه والدارمي .


3597 - ( وعنه ) أي عن جابر ( عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ليس على خائن ) قال ابن الهمام : هو اسم فاعل من الخيانة وهو أن يؤتمن على شيء بطريق العارية والوديعة فيأخذه ويدعي ضياعه أو ينكر أنه كان عنده وديعة أو عارية ، وعليه صاحب الهداية بقصور الحرز لأنه قد كان في يد الخائن وحرزه لا حرز المالك على الخلوص وذلك لأن حرزه وإن كان حرز المالك فإنه أحرزه بإيداعه عنده لكنه حرز مأذون للسارق في دخوله ( ولا منتهب ) لأنه مجاهر بفعله لا مختف فلا سرقة ولا قطع ( ولا مختلس ) ، لأنه المختطف للشيء من البيت ويذهب أو من يد المالك ، في المغرب : الاختلاس أخذ الشيء من ظاهر بسرعة وقوله ( قطع ) اسم ليس قال المظهر : ليس على المغير والمختلس والخائن قطع ولو كان المأخوذ نصابا أو قيمته ; لأن شرطه إخراج ما هو نصاب أو قيمته من الحرز أي بخفية ، وفي شرح مسلم للنووي قال القاضي عياض : شرع الله تعالى إيجاب القطع على السارق ولم يجعل ذلك في غيرها كالاختلاس والانتهاب والغصب ; لأن ذلك قليل بالنسبة إلى السرقة ولأنه يمكن استرجاع هذا النوع بالاستغاثة إلى ولاة الأمور وتسهيل إقامة البينة عليه بخلافها فيعظم أمرها واشتدت عقوبتها ليكون أبلغ في الزجر عنها ( رواه الترمذي والنسائي وابن ماجه والدارمي ) قال ابن الهمام : رواه الأربعة ، وقال الترمذي : حديث حسن صحيح ، وسكت عنه ابن القطان وعبد الحق في أحكامه وهو تصحيح منهما ، وتعليل أبي داود مرجوح بذلك الجامع الصغير ليس على المنتهب ولا على المختلس ولا على الخائن قطع . رواه أحمد والأربعة وابن حبان في صحيحه قال ابن الهمام : هذا مذهبنا وعليه باقي الأئمة الثلاثة وهو مذهب عمر وابن مسعود وعائشة ومن العلماء من حكى الإجماع على هذه الجملة ، لكن مذهب إسحاق ابن راهويه ورواية أحمد في جاحد العارية أنه يقطع لما في الصحيحين من حديث عائشة : أن امرأة كانت تستعير المتاع وتجحده فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بقطعها . وجماهير العلماء أخذوا بهذا الحديث ، وأجابوا عن حديث عائشة بأن القطع كان لسرقة صدرت منها بعد أن كانت متصفة مشهورة بجحد العارية فعرفتها عائشة بوصفها المشهور فالمعنى امرأة كان وصفها جحد العارية سرقت ، فأمر بقطعها بدليل أن في قصتها أن أسامة بن زيد شفع فيها ، الحديث ، وهذا بناء على أنها حادثة واحدة لامرأة واحدة ; لأن الأصل عدم التعدد والجمع بين الحديثين خصوصا وقد تلقت الأمة الحديث الآخر بالقبول والعمل به فلو فرض أنها لم تسرق على ما أخرجه أبو داود عن الليث ، حدثنا يونس ، عن ابن شهاب ، قال : كان عروة [ ص: 2359 ] يحدث أن عائشة قالت : استعارت مني حليا على ألسنة أناس يعرفون ولا تعرف هي فباعته فأخذت فأتي بها النبي صلى الله عليه وسلم ، فأمر بقطع يدها وهى التي شفع فيها أسامة بن زيد ، وقال فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قال . كان حديث جابر مقدما فيحمل القطع بجحد العارية على النسخ ، وكذا حمل على أنهما واقعتان وأنه عليه الصلاة والسلام قطع امرأة بجحد المتاع وأخرى بالسرقة فيحمل على نسخ القطع بالعارية لما قلنا ، وفي سنن ابن ماجه : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، حدثنا عبد الله بن نمير ، حدثنا محمد بن إسحاق ، عن محمد بن طلحة بن ركانة ، عن أمه عائشة بنت مسعود بن الأسود ، عن أبيها ، قال : لما سرقت المرأة تلك القطيفة من بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أغضبنا ذلك ، وكانت امرأة من قريش ، فجئنا النبي صلى الله عليه وسلم لنكلمه ، فقلنا : نحن نفديها بأربعين وقية ، فقال صلى الله عليه وسلم : تطهرها خير لها ، فأتينا أسامة بن زيد ، فقلنا له : كلم لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما كلمه قال : ما إكثاركم علي في حد من حدود الله ، والذي نفسي بيده لو كانت فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها . قال ابن سعد في الطبقات : هذه المرأة هي فاطمة بنت الأسود بن عبد الأسود ، وقيل : هي أم عمير بنت سفيان بن عبد الأسود أخت عبد الله بن سفيان .

التالي السابق


الخدمات العلمية