صفحة جزء
3598 - وروي في شرح السنة : أن صفوان بن أمية قدم المدينة ، فنام في المسجد ، وتوسد رداءه ، فجاء سارق ، وأخذ رداءه ، فأخذه صفوان ، فجاء به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأمر أن تقطع يده . فقال صفوان : إني لم أرد هذا ، هو عليه صدقة . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " فهلا قبل أن تأتيني به " .


3598 - ( وروى ) أي صاحب المصابيح ( في شرح السنة ) أي بإسناده ( أن صفوان بن أمية ) بالتصغير قال المؤلف : هو صفوان بن أمية بن خلف الجمحي القرشي هرب يوم الفتح فاستأمن له عمير بن وهب - وابنه وهب بن عمير - رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأمنه وأعطاهما رداه أمنا له ، فأدركه وهب ، فرده إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فلما وقف عليه قال له : إن هذا وهب بن عمير زعم أنك أمنتني على أن أسير شهرين ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : انزل أبا وهب ، فقال : لا حتى تبين لي ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : انزل فلك أن تسير أربعة أشهر ، فنزل وخرج معه إلى حنين فشهدنا وشهد الطائف كافرا وأعطاه من الغنائم فأكثر ، فقال صفوان : أشهد بالله ما طاب بهذا إلا نفس نبي ، فأسلم يومئذ ، وأقام بمكة ، ثم هاجر إلى المدينة ، فنزل على العباس ، فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا هجرة بعد الفتح، وكان صفوان أحد أشراف قريش في الجاهلية وأفصحهم لسانا ، وكان من المؤلفة قلوبهم وحسن إسلامه ( قدم المدينة فنام في المسجد ) أي ليلا أو نهارا كما سيأتي ( وتوسد رداءه ) أي جعل رداءه وسادة تحت رأسه ، في الهداية : الأصح أن وضع الشيء تحت الرأس حرز ، وقال ابن الهمام : الإخراج من الحرز شرط عند عامة أهل العلم ، وعن عائشة والحسن والنخعي : أن من جمع المال في الحرز قطع وإن لم يخرج به ، وعن الحسن مثل قول الجماعة ، وعن داود لا يعتبر الحرز أصلا ، وهذه الأقوال ثابتة عمن نقلت عنه ، ولا يقال لأهل العلم إلا ما ذكرنا فهو كالإجماع ، قال ابن المنذر : ثم هو أي الحرز على نوعين حرز بالمكان كالدور والبيوت ، وقد يكون بالحافظ وهو بدل عن الأماكن المبنية على ما ذكر في المحيط ، وذلك كمن جلس في الطريق أو في الصحراء أو في المسجد وعنده متاع فهو محرز به ( فجاء سارق وأخذ رداءه فأخذه ) أي السارق ( صفوان فجاء به إلى رسول الله ) وفي نسخة إلى النبي ( صلى الله عليه وسلم فأمر ) أي بعد إقراره بالسرقة أو ثبوتها بالبينة ( أن تقطع يده ) بتأنيث الفعل وجوز تذكيره ( فقال صفوان : إني لم أرد هذا ) أي قطعه بل قصدت تعزيره ( هو ) أي ردائي كما في رواية ( عليه ) أي على السارق ( صدقة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فهلا أن تأتيني به ) أي لم لا تركت حقك عليه وعفوت عنه قبل إتيانك به إلي ، وأما الآن فقطعه واجب ولا حق لك فيه ، بل هو من الحقوق الخالصة للشرع ولا سبيل فيها إلى الترك ، وفيه أن العفو جائز قبل أن يرفع إلى الحاكم ، كذا ذكره الطيبي وتبعه ابن الملك ، قال ابن الهمام : إذا قضى على رجل بالقطع في سرقة فوهبها له المالك وسلمها إليه أو باعها منه لا يقطع ، وقال زفر والشافعي وأحمد : يقطع ، وهو رواية عن أبي يوسف ; لأن السرقة قد تمت انعقادا لفعلها بلا شبهة ، وظهورا عند الحاكم وقضى عليه بالقطع ، ويؤيده حديث صفوان . رواه أبو داود وابن ماجه والنسائي ، وفي رواية فقطعه رسول الله صلى الله عليه وسلم والجواب أن الحديث في رواية كما ذكر وفي رواية الحاكم في المستدرك أنا أبيعه وأنسئه ثمنه وسكت عليه ، وفي كثير من الروايات لم يذكر ذلك بل قوله : ما كنت أريد هذا ، أو قوله أويقطع رجل من العرب في ثلاثين درهما ؟ ولم يثبت أنه سلمه إليه في الهبة ، ثم الواقعة واحدة فكان في هذه الزيادة اضطراب والاضطراب موجب للضعف .

[ ص: 2360 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية