صفحة جزء
3616 - وعن السائب بن يزيد قال : كان يؤتى بالشارب على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وإمرة أبي بكر وصدرا من خلافة عمر فنقوم عليه بأيدينا ونعالنا وأرديتنا حتى كان آخر إمرة عمر فجلد أربعين حتى إذا عتوا وفسقوا جلد ثمانين . رواه البخاري .


3616 - ( وعن السائب بن يزيد قال : كان يؤتى بالشارب على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وإمرة أبي بكر ) بكسر همز وسكون ميم أي إمارته وخلافته ( وصدرا من خلافة عمر ) أي شيئا من أول عهده ( فنقوم عليه ) أي على ضرب الشارب ( بأيدينا ) أي بكفوفنا ( ونعالنا وأرديتنا ) ولعلهم كانوا يلوونها ويضربونه بها وأراد أنه من غير تعيين والظاهر أنه أقل من الأربعين لقوله ( حتى كان ) أي وجد وقع ( آخر إمرة عمر ) وفي نسخة بالنصب أي كان الزمان آخر إمارة عمر ( فجلد أربعين ) أي على التعيين والتبيين ( حتى ) أي واستمر على ذلك حتى ( إذا عتوا ) أي أهل الشراب بأن أفسدوا بمقتضى فساد الزمان وانهمكوا في الطغيان ( وفسقوا ) أي خرجوا عن الحد وتجاوزوا في العصيان ( جلد ثمانين ) أي للسياسة وأجمع عليه الصحابة فلا يجوز لأحد المخالفة مع أن العتو هلم جرا في الزيادة ( رواه البخاري ) قال ابن الهمام : وأخرج مسلم عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم جلد في الخمر بالجريد والنعال ثم جلد أبو بكر أربعين فلما كان عمر ودنا الناس من الريف والقرى قال : ما ترون في جلد الخمر فقال عبد الرحمن بن عوف : أرى أن يجعل ثمانين كأخف الحدود ، قال : فجعله عمر ثمانين ، وفي الموطأ : استشار في الخمر يشربها الرجل فقال له علي بن أبي طالب : نرى أن نجلده ثمانين فإنه إذا شرب سكر وإذا سكر هذى وإذا هذى افترى وعلى المفتري ثمانون . وعن مالك رواه الشافعي ولا مانع من كون كل من علي [ ص: 2372 ] وعبد الرحمن بن عوف أشار بذلك فروى الحديث مقتصرا على هذا مرة وعلى هذا أخرى ، وأخرج الحاكم في المستدرك عن ابن عباس أن الشرب كانوا على عهد رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم يضربون بالأيدي والنعال والعصي حتى توفي وكان أبو بكر يجلدهم أربعين حتى توفي إلى أن قال : فقال عمر : ماذا ترون ؟ فقال علي : إذا شرب إلخ . وروى مسلم عن أنس قال : أتي النبي صلى الله تعالى عليه وسلم برجل قد شرب الخمر فضربه بجريدتين نحو أربعين ، وفعله أبو بكر فلما كان عمر استشار الناس فقال عبد الرحمن بن عوف : أخف الحدود ثمانون فأمر به عمر فيمكن أن يكون المراد بجريدتين متعاقبتين بأن انكسرت واحدة وأخذت الأخرى ، وإلا فهي ثمانون ، فيكون مما رأى عليه الصلاة والسلام في ذلك الرجل ، وقول الراوي بعد ذلك فلما كان عمر استشار إلخ لا ينافي ذلك فإن حاصله أنه استشار فوقع الاختيار على تقدير الثمانين التي انتهى عليها فعل رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم إلا أن قوله : وفعله أبو بكر ، يبعده وإلا لزم أن أبا بكر جلد ثمانين وما تقدم مما يفيد أن عمر هو الذي جلد الثمانين بخلاف أبي بكر والله تعالى أعلم ، وقد أخرج البخاري ومسلم عن علي قال : ما كنت أقيم على أحد حدا فيموت فيه فأجد منه في نفسي إلا صاحب الخمر فإنه لو مات وديته ; لأن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم لم يسنه ، والمراد لم يسن فيه عددا معينا ، قال : فمعلوم قطعا أنه أمر بضربه فهذه الأحاديث تفيد أنه لم يكن مقدرا في زمنه عليه الصلاة والسلام بعدد معين ثم قدره أبو بكر وعمر بأربعين ثم اتفقوا على ثمانين ، وبهما جاز لهم أن يجمعوا على تعيينه ، والحكم المعلوم منه عليه الصلاة والسلام عدم تعيينه لعلمهم بأنه عليه الصلاة والسلام انتهى إلى هذه الغاية في ذلك الرجل لزيادة فساد فيه ، ثم رأوا أهل الزمان تغيروا إلى نحوه أكثر على ما تقدم من قول السائب حتى عتوا وفسقوا وعلموا أن الزمان كلما تأخر كان فساد أهله أكثر فكان ما أجمعوا عليه هو ما كان حكمه عليه الصلاة والسلام في أمثالهم ، وأما ما روي من جلد علي أربعين بعد عمر فلم يصح ، وذلك ما في السنن من حديث معاوية بن حسين بن المنذر الرقاشي قال : شهدت عثمان بن عفان أتي بالوليد بن عقبة فشهد عليه حمران ورجل آخر فشهد أنه رآه شربها وشهد الآخر أنه رآه يتقيأها فقال عثمان : إنه لم يتقيأها حتى شربها ، فقال لعلي : أقم عليه الحد . الحديث .

التالي السابق


الخدمات العلمية