صفحة جزء
الفصل الثاني

3643 - عن عبد الله بن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من شرب الخمر لم يقبل الله له صلاة أربعين صباحا

فإن تاب تاب الله عليه فإن عاد لم يقبل الله له صلاة أربعين صباحا ; فإن تاب تاب الله عليه فإن عاد لم يقبل الله له صلاة أربعين صباحا ، فإن تاب تاب الله عليه ، فإن عاد في الرابعة لم يقبل الله له صلاة أربعين صباحا فإن تاب لم يتب الله عليه وسقاه من نهر الخبال
. رواه الترمذي .


الفصل الثاني

3643 - ( عن عبد الله بن عمر ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من يشرب الخمر ) أي ولم يتب منها ( لم يقبل الله له صلاة ) بالتنوين وقوله ( أربعين صباحا ) ظرف وفي نسخة بالإضافة أي لم يجد لذة المناجاة التي هي مخ العبادات ولا الحضور الذي هو روحها فلم يقع عند الله بمكان وإن سقط مطالبة فرض الوقت وخص الصلاة بالذكر ; لأنها سبب حرمتها أو لأنها أم الخبائث على ما رواه الدارقطني عن ابن عمر مرفوعا كما أن الصلاة أم [ ص: 2386 ] العبادات كما قال تعالى إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر وقال صلى الله عليه وسلم : من شرب خمرا خرج نور الإيمان من جوفه . رواه الطبراني في الأوسط عن أبي هريرة وقال الأشرف : إنما خص الصلاة بالذكر ; لأنها أفضل عبادات البدن ، فإذا لم يقبل منها فلأن لا يقبل منها عبادة أصلا كان أولى ، قال المظهر : هذا وأمثاله مبني على الزجر وألا يسقط عنه فرض الصلاة إذا أداها بشرائطها ولكن ليس ثواب صلاة الفاسق كثواب صلاة الصالح ، بل الفسق ينفي كمال الصلاة وغيرها من الطاعات ، وقال النووي : إن لكل طاعة اعتبارين : أحدهما سقوط القضاء عن المؤدي ، وثانيهما ترتيب حصول الثواب فعبر عن عدم ترتيب الثواب بعدم قبول الصلاة ( فإن تاب ) أي بالإقلاع والندامة ( تاب الله عليه ) أي قبل توبته ( فإن عاد ) أي إلى شربها ( لم يقبل الله له صلاة أربعين صباحا ) ولعل وجه التقييد بالأربعين لبقاء أثر الشراب في باطنه مقدار هذه ، وكذا قال الإمام الغزالي : لو ترك الناس كلهم كل الحرام أربعين يوما لاختل نظام العالم بتركهم أمور الدنيا ، قيل : لولا الحمقى لخربت الدنيا ، وقد روي أنه من أخلص لله أربعين صباحا أظهر الله ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه . رواه أبو نعيم في الحلية عن أبي أيوب وورد ( ومن حفظ عن أمتي أربعين حديثا بعثه الله فقيها . رواه جماعة من الصحابة وقال تعالى وإذ واعدنا موسى أربعين ليلة والحاصل أن لعدد الأربعين تأثيرا بليغا في صرفها إلى الطاعة أو المعصية وإذا قيل : من بلغ الأربعين ولم يغلب خيره شره فالموت خير له ( فإن تاب ) أي رجع إليه تعالى بالطاعة ( تاب الله عليه ) أي أقبل عليه بالمغفرة ( فإن عاد لم يقبل الله له صلاة أربعين صباحا ) ظاهره عدم قبول طاعته ولو تاب عن معصيته قبل استيفاء مدته كما يدل عليه الفاء التعقيبية في قوله ( فإن تاب تاب الله عليه ) ويمكن أن يكون التقدير ولو كانت التوبة قبل ذلك والفاء تكون تفريعية ( فإن عاد الرابعة ) أي رجع الرجعة الرابعة وفي نسخة في الرابعة ( لم يقبل الله له صلاة أربعين صباحا فإن تاب لم يتب الله عليه ) هذا مبالغة في الوعيد والزجر الشديد وإلا فقد ورد ( ما أصر من استغفر وإن عاد في اليوم سبعين مرة ) رواه أبو داود والترمذي عن أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه ، وقال المظهر : أي فإن تاب بلسانه وقلبه عازم على أن يعود لا يقبل توبته ، قلت فيه : إنه حينئذ ليس بتوبة مع أن هذا وارد في كل مرتبة لا خصوصية لها بالرابعة ، قال الطيبي : ويمكن أن يقال : أن قوله ( إن تاب لم يتب الله عليه ) محمول على إصراره وموته على ما كان فإن عدم قبول التوبة لازم للموت على الكفر والمعاصي ، كأنه قيل : من فعل ذلك وأصر عليه مات عاصيا ولذلك عقبه بقوله ( وسقاه ) أي الله ( من نهر الخبال ) . اهـ والمعنى أن صديد أهل النار لكثرته يصير جاريا كالأنهار وفيه إيماء إلى ما ورد عن قيس بن سعد ( من شرب الخمر أتى عطشان يوم القيامة ) رواه أحمد ولعل نقض التوبة ثلاث مرات مما يكون سببا لغضب الله على صاحبها كما يشير إليه قوله تعالى إن الذين آمنوا ثم كفروا ثم آمنوا ثم كفروا ثم ازدادوا كفرا لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم سبيلاوكان الغالب أن صاحب العود إلى الذنب ثلاثا لم تصح له التوبة كما أشارت إليه الآية بعدم الهداية والمغفرة ، قال الطيبي : ونظيره قوله تعالى إن الذين كفروا بعد إيمانهم ثم ازدادوا كفرا لن تقبل توبتهم الكشاف فإن قلت : قد علم أن المرتد كيفما ازداد كفرا فإنه مقبول التوبة إذا تاب فما معنى لن تقبل توبتهم ، قلت : جعلت عبارة عن الموت على الكفر ; لأن الذي لا تقبل توبته من الكفار هو الذي يموت على الكفر ، كأنه قيل إن اليهود والمرتدين ميتون على الكفر داخلون في جملة من لا تقبل توبتهم اهـ . وحاصل المعنى في الحديث أن من لم يثبت على التوبة في الثالثة يخشى عليه أن يموت على المعصية ( رواه الترمذي ) أي عن عبد الله بن عمر .

التالي السابق


الخدمات العلمية