صفحة جزء
3669 - وعن أبي هريرة قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : من خرج من الطاعة وفارق الجماعة فمات مات ميتة جاهلية ، ومن قاتل تحت راية عمية يغضب لعصبية أو يدعو لعصبية أو ينصر عصبية فقتل فقتلة جاهلية ، ومن خرج على أمتي بسيفه يضرب برها وفاجرها ولا يتحاشى من مؤمنها ولا يفي لذي عهد عهده فليس مني ولست منه . رواه مسلم .


3669 - ( وعن أبي هريرة قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : من خرج من الطاعة ) أي طاعة الإمام ( وفارق الجماعة ) أي جماعة الإسلام ( فمات ) أي على ذلك ( مات ميتة جاهلية ومن قاتل تحت راية ) بالألف أي علم ( عمية ) بكسر العين ويضم وبتشديد الميم المكسورة بعدها تحتية مشددة ، وفي القاموس : العمية كغنية ويضم الغواية واللجاج وبالكسر والضم مشددتي الميم والياء الكبر والضلال ، قال النووي : بكسر العين وضمها وتشديدها وتشديد الميم والياء لغتان مشهورتان وهي الأمر الأعمى لا يستبين وجهه ، كذا قاله ابن حنبل والجمهور في الغريبين قال إسحاق : هذا في تخارج القوم وقتل بعضهم بعضا ، وكان أصله من التعمية وهو التلبيس ( يغضب ) أي حال كونه يغضب ( لعصبية ) وهي الخصلة المنسوبة إلى العصبية أي لإعلاء الكلمة الطيبة ( أو يدعو ) أي غيره ( لعصبية أو ينصر ) أي بالفعل من الضرب والقتل ( عصبية ) تمييز أو مفعول له وهو الأظهر ، قال النووي : معناه يقاتل بغير بصيرة وعلم تعصبا كقتال الجاهلية ولا يعرف المحق من المبطل ، وإنما يغضب لعصبية لا لنصرة الدين ، والعصبية إعانة قومه على الظلم ، قال الطيبي : قوله ( تحت راية عمية ) كناية عن جماعة مجتمعين على أمر مجهول لا يعرف أنه حق أو باطل فيدعون الناس إليه ويقاتلون له ، وقوله ( يغضب لعصبية ) حال إما مؤكدة إذا ذهب إلى أن هذا الأمر في نفسه باطل ، أو متنقلة إذا فرض أنهم على الحق وأن من قاتل تعصبا لا لإظهار دين ولا لإعلاء كلمة الله وإن كان المغضوب له محقا كان على الباطل ( فقتل ) أي في تلك الأحوال ( فقتلة ) خبر مبتدأ محذوف أي قتله قتلة ( جاهلية ) والجملة مع الفاء جواب الشرط ( ومن خرج على أمتي ) أي أمة الإجابة ( بسيفه ) أي بآلة من آلات القتل ، قال الطيبي : يجوز أن يكون حالا أي خرج مشاهرا بسيفه وقوله ( يضرب برها ) أي صالحها ( وفاجرها ) أي طالحها حال متداخلة ويجوز أن يكون متعلقا بقوله يضرب ، والجملة حال ، وتقدم البر للاهتمام وإظهار الحرص والأذى ( ولا يتحاشى من مؤمنها ) أي لا يكترث ولا يبالي بما يفعله ولا يخاف عقوبته ووباله ، قال الطيبي : والمراد بالأمة أمة الدعوة فقوله ( برها وفاجرها ) يشتمل على المؤمن والمعاهد والذمي ، وقوله ( لا يتحاشى من مؤمنها ، ولا يفي لذي عهد عهده ) كالتفصيل له . اهـ ولا يخفى بعد كون المراد أمة الدعوة ( فليس مني ) أي من أمتي أو على طريقتي ( ولست منه ) وفيه تهديد وتشديد وهذا السلب كسلب الأهلية عن ابن نوح في قوله تعالى إنه ليس من أهلك لعدم اتباعه لأبيه ( رواه مسلم ) .

التالي السابق


الخدمات العلمية