صفحة جزء
3732 - وعن عبد الله بن عمرو وأبي هريرة قالا : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : إذا حكم الحاكم فاجتهد فأصاب فله أجران وإذا حكم فاجتهد فأخطأ فله أجر واحد . متفق عليه .


3732 - ( وعن عبد الله بن عمرو ) بالواو ( وأبي هريرة قالا : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : إذا حكم الحاكم فاجتهد ) عطف على الشرط على تأويل : أراد الحكم ( فأصاب ) عطف على ( فاجتهد ) وفي نسخة صحيحة بالواو ; أي : وقع اجتهاده موافقا لحكم الله ( فله أجران ) ; أي أجر الاجتهاد وأجر الإصابة والجملة جزاء الشرط ( وإذا حكم فاجتهد فأخطأ ) وفي نسخة وأخطأ ( فله أجر واحد ) قال الخطابي : إنما يؤجر المخطئ على اجتهاده في طلب الحق ; لأن اجتهاده عبادة ; ولا يؤجر على الخطأ ، بل يوضع عنه الإثم فقط ، وهذا فيمن كان جامعا لآلة الاجتهاد ، عارفا بالأصول ، عالما بوجوه القياس ، فأما من لم يكن محلا للاجتهاد فهو متكلف ولا يعذر بالخطأ بل [ ص: 2426 ] يخاف عليه الوزر ويدل عليه قوله عليه الصلاة والسلام : " القضاة ثلاثة واحد في الجنة واثنان في النار " وهذا إنما هو في الفروع المحتملة للوجوه المختلفة دون الأصول ; التي هي أركان الشريعة وأمهات الأحكام التي لا تحتمل الوجوه ولا مدخل فيها للتأويل ; فإن من أخطأ فيها كان غير معذور في الخطأ ، وكان حكمه في ذلك مردودا ، قال النووي : اختلفوا في أن كل مجتهد مصيب ; أم المصيب واحد ، وهو من وافق الحكم الذي عند الله ، والآخر مخطئ ، والأصل عند الشافعي وأصحابه الثاني ; لأنه سمي مخطئا ولو كان مصيبا لم يسم مخطئا ; وهو محمول على من أخطأ النص ، أو اجتهد فيما لا يسوغ فيه الاجتهاد ، ومن ذهب إلى الأول قال : قد جعل للمخطئ أجر ، ولولا إصابته لم يكن له أجر ، وهذا إذا كان أهلا للاجتهاد ، وأما من ليس بأهل حكم ; فلا يحل له الحكم ، ولا ينفذ سواء وافق الحكم أم لا ; لأن إصابته اتفاقية ، فهو عاص في جميع أحكامه اهـ . ومذهب أبي حنيفة فيما لا يوجد بيانه في النصوص من الكتاب والسنة والإجماع ; فلا إمكان له إلا القياس ; فيكون كمتحري القبلة فإنه مصيب وإن أخطأ ( متفق عليه ) ورواه أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجه عن عمرو بن العاص وأحمد والستة عن أبي هريرة .

التالي السابق


الخدمات العلمية