صفحة جزء
3737 - وعن معاذ بن جبل أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما بعثه إلى اليمن قال : كيف تقضي إذا عرض لك قضاء ؟ قال : أقضي بكتاب الله ، قال : فإن لم تجد في كتاب الله ؟ قال : فبسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، قال : فإن لم تجد في سنة رسول الله ؟ قال : أجتهد رأيي ولا آلو ، قال : فضرب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على صدره ، وقال : الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله لما يرضى به رسول الله . رواه الترمذي وأبو داود والدارمي .


3737 - ( وعن معاذ بن جبل أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما بعثه إلى اليمن ) ; أي واليا وقاضيا ( قال ) : أي امتحانا له ( كيف تقضي إذا عرض لك قضاء ؟ قال : أقضي بكتاب الله ، قال : فإن لم تجد ؟ ) ; أي مصرحا ( في كتاب الله ، قال : فبسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، قال : فإن لم تجد في سنة رسول الله ؟ قال : أجتهد رأيي ) ; أي أطلب حكم تلك الواقعة بالقياس على المسائل التي جاء فيها نص وأحكم فيها بمثل المسألة التي جاء فيها نص لما بينهما من المشابهة ، ( ولا آلو ) بمد الهمزة متكلم من ألى يألو ; أي ما أقصر ، قال الطيبي : قوله : أجتهد رأيي ، المبالغة قائمة في جوهر اللفظ وبناؤه للافتعال و للاعتمال والسعي وبذل الوسع ، ونسبته إلى الرأي ; أيضا تربية إلى المعنى ، قال الراغب : الجهد : والجهد طاقة والمشقة والاجتهاد أخذ النفس ببذل الطاقة وتحمل المشقة ، يقال : جهدت رأيي واجتهدت ; أتعبته بالفكر ، قال الخطابي : لم يرد به الرأي الذي يسنح له من قبل نفسه ، أو يخطر بباله على غير أصل من كتاب ، أو سنة ، بل أراد رد القضية إلى معنى الكتاب والسنة ; من طريق القياس وفي هذا إثبات للحكم بالقياس ، قال المظهر : أي إذا وجدت مشابهة بين التي أنا بصددها وبين المسألة التي جاء نص فيها من الكتاب ، أو السنة ; حكمت فيها بحكمهما ; مثاله : جاء النص بتحريم الربا في البر ولم يجيء نص في البطيخ قاس الشافعي البطيخ على البر لما وجد لما بينهما من علة المطعومية ، وقاس أبو حنيفة رحمه الله الجص على البر لما وجد بينهما من علة الكيلية ، ( قال ) ; أي معاذ ( فضرب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على صدره ، أو قال الراوي نقلا عن معاذ : فضرب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على صدره ، ويمكن أن يكون المراد : على صدري ; بطريق الالتفات ، أو على سبيل التجريد ، ( وقال الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله لما يرضى به رسول الله ) ; أي لما يحبه ويتمناه من طلب طريق الصواب ، قال الطيبي : فيه استصواب منه - صلى الله عليه وسلم - لرأيه في استعماله ، وهذا معنى قولهم : كل مجتهد مصيب ، ولا ارتياب أن المجتهد إذا كدح في التحري وأتعب القريحة في الاستنباط ; استحق أجرا لذلك ، وهذا بالنظر إلى أصل الاجتهاد ، فإذا نظر إلى الجزئيات ، فلا يخلو من أن يصيب في مسألة من المسائل ، أو يخطيء فيها ; فإذا أصاب ; ثبت له أجران أحدهما باعتبار [ ص: 2429 ] أصل الرأي ، والآخر باعتبار الإصابة ، وإذا أخطأ فله أجر واحد باعتبار الأصل ، ولا عليه شيء باعتبار الخطأ ( رواه الترمذي وأبو داود والدارمي ) .

التالي السابق


الخدمات العلمية