صفحة جزء
3747 - وعن عائشة رضي الله عنها ، قالت : لما استخلف أبو بكر رضي الله عنه ، قال : لقد علم قومي أن حرفتي لم تكن تعجز عن مئونة أهلي ، وشغلت بأمر المسلمين ، فسيأكل آل أبي بكر من هذا المال ، ويحترف للمسلمين فيه . رواه البخاري .


3747 - ( وعن عائشة رضي الله عنها ، قال : لما استخلف أبو بكر ) : بصيغة المجهول ; أي جعل خليفة وهو ظرف لقوله ( قال ) : أي اعتذارا عن إنفاقه على أهله من بيت المال ( لقد علم قومي ) : قيل : أراد بهم قريشا ، والأظهر أنه أراد به المسلمين ( أن حرفتي ) : وهى ما كان يشتغل به من التجارة قبل الخلافة في النهاية : الحرفة والصناعة وجهة الكسب ( لم تكن تعجز ) : بكسر الجيم ويفتح ، ففي القاموس : العجز الضعف والفعل كضرب وسمع ( عن مئونة أهلي ) : بفتح ميم وضم همزة وسكون واو ، ; أي نفقة عيالي وقد اشتغلت ( بأمر المسلمين ) : وفي نسخة بأمور المسلمين ; أي بإصلاح أمورهم ، فلا سبيل إلى التفرغ للتجارة ( فسيأكل ) : أي ينتفع ( آل أبي بكر ) : أي تبعا له ، والمراد أهله وعياله وفيه التفات ( من هذا المال ) إشارة إلى الحاضر في الذهن ، وهو مال بيت المال للمسلمين ( ويحترف ) : أي أبو بكر ( للمسلمين فيه ) : أي في مقابلة ما أكل من المال عوضا له ، فالضمير راجع إلى معنى قوله : فسيأكل وأراد بالاحتراف فيه التصرف فيه ، والسعي لمصالح المسلمين ، ونظام أحوالهم وجيء بالحرفة مشاكلة لوقوعه في صحبة قوله : إن حرفتي . قال الشمني : وفيه أن للحاكم أن يأخذ من بيت المال ما يكفيه ، وكان أبو بكر تاجرا في البز ، وعمر في الطعام ، وعثمان في التمر والبر ، وعباس في العطر انتهى . وأفضل أنواع التجارة البز ، وهو الثياب ، ثم العطر . وفي حديث أبي سعيد بسند ضعيف : لو اتجر أهل الجنة لاتجروا في البز ، ولو اتجر أهل النار لاتجروا في الصوف . رواه أبو منصور في مسند الفردوس ، وقال المظهر : اللام في ( لقد علم ) قسيمة أقسم أنه كان مشتهرا بين المسلمين في أنه كان كسوبا ومحصلا لمئونة أهله وعياله بحرفة التجارة ، ولم يكن عاجزا عن ذلك ، وهذا تمهيد منه واعتذار منه في قدر ما يحتاج إليه أهله من بيت المال ، ومن ثم أتى بالفاء في قوله فسيأكل ; لأنها فاء النتيجة ، و ( آل أبي بكر ) أهله وعياله ويجوز أن يراد نفسه ، وفي نسق الكلام من الدليل على أنه أراد بآل أبي بكر نفسه ، وهو قوله : ويحترف للمسلمين ; أي يكتسب بالتصرف في أموال المسلمين يدل على ما يتناول ذلك . قال الطيبي : أراد بنسق الكلام أن يحترف مسندا إلى ضمير أبي بكر ، وهو عطف على ( فسيأكل ) ، فإذا أسند إلى الأهل تنافر وانخرم النظم . وقال القاضي : آل أبي بكر أهله ، عدل عن التكلم إلى الغيبة على طريق الالتفات ، وقيل : نفسه ، والآل مقحم لقوله : ويحترف ليس بشيء بل المعنى إني كنت أكسب لهم فيأكلونه ، والآن أكسب للمسلمين بالتصرف في أموالهم والسعي في مصالحهم ونظم أحوالهم ، فسيأكلون من مالهم المعد لمصالحهم وهو مال بيت المال . قال الطيبي : لا بد في الانتقال من التكلم إلى الغيبة على ما سماه التفافا من فائدة ، فقوله : آل أبي بكر من باب التجريد ، جرد من نفسه شخصا متصفا بصفة أبي بكر من كونه كسوبا محصلا لمئونة الأهل بالتجارة ، ثم تكفل بهذا الأمر العظيم من تولي أمور المسلمين ، وامتنع من الاكتساب لمئونة أهله وغيره ، وهو هو ، وفيه إشعار بالعلية وإن من اتصف بتلك الصفة حقيق بأن يأكل هو وأهله من بيت مال المسلمين . قال التوربشتي : فرض رضي الله عنه لنفسه مدين من طعام وإداما زيتا ، أو نحوه ، وإزارا ورداء في الصيف ، وفروة ، أو جبة في الشتاء ، وظهرا معينا لحاجته في السفر والحضر . قال المظهر : وفيه بيان أن للعامل أن يأخذ من عرض المال يعمل فيه قدر ما يستحقه لعمالته إذا لم يكن فوقه إمام يقطع له أجرة معلومة . ( رواه البخاري ) .

التالي السابق


الخدمات العلمية