صفحة جزء
[ ص: 2439 ] [ 4 ] باب الأقضية والشهادات

الفصل الأول

3758 - عن ابن عباس رضي الله عنهما ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، قال : " لو يعطى الناس بدعواهم ، لادعى ناس دماء رجال وأموالهم ، ولكن اليمين على المدعى عليه " . رواه مسلم . وفي شرحه للنووي أنه قال : وجاء في رواية البيهقي بإسناد حسن ، أو صحيح ، زيادة عن ابن عباس مرفوعا : " لكن البينة على المدعي واليمين على من أنكر " .


[ 4 ] - باب الأقضية

أي : الحكومات ( والشهادات ) : أي : أنواعها . قال الطيبي : الأقضية هي ما ترفع إلى الحاكم ، وقال الأزهري : القضاء في الأصل إحكام الشيء والفراغ منه ، فيكون القضاء إمضاء الحكم ، ومنه قوله تعالى وقضينا إلى بني إسرائيل وسمي الحاكم قاضيا ; لأنه يقضي الأحكام ويحكمها ، ويكون قضى بمعنى أوجب ، فيجوز أن يكون سمي قاضيا ، لإيجابه الحكم على من يجب عليه ، ويسمى حاكما لمنعه الظالم من الظلم ، ومنه حكمة الدابة لمنعها الدابة من ركونها رأسها ، وسميت الحكمة حكمة لمنعها النفس من هواها . وقال الراغب : الشهود والشهادة والمشاهدة الحضور مع المشاهدة إما بالبصر وإما بالبصيرة ، وشهدت جار مجرى العلم وبلفظه : تقام الشهادة ، يقال : أشهد بكذا ، ولا يرضى من الشاهد أن يقول : أعلم ، بل يحتاج أن يقول : أشهد ، وفى المغرب : الشهادة الإخبار بصحة الشيء عن مشاهدة وعيان ، ويقال : عند الحاكم لفلان على فلان بكذا شهادة فهو شاهد وهم شهود وأشهاد وهو شهيد وهم شهداء .

الفصل الأول

3758 - ( عن ابن عباس رضي الله عنهما ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : لو يعطى الناس ) : بصيغة المجهول ; أي : لو فرض أن يعطوا مدعاهم من مالهم ودمائهم ( بدعواهم : أي : بمجرد دعواهم من غير بينة للمدعي ، أو تصديق من المدعى عليه ( لادعى ناس ) : أي : قوم في الحقيقة نسناس بطريق البطلان على ناس ( دماء رجال وأموالهم ) : قيل : أي لأخذ رجال أموال قوم ، وسفكوا دماءهم ، فوضع الدعوى موضع الأخذ ; لأنها سببه ، ولا شك أن أخذ مال المدعى عليه ممتنع لامتناع إعطاء المدعي بمجرد الدعوى ، فصح معنى لو كما لا يخفى ، هذا ولما كانت الجملة المتقدمة نفت اعتبار الإعطاء بمجرد الدعوى ، وأفادت أن البينة على المدعي ، وكانت موهمة لعدم سماع الدعوى من غير حجة مطلقا استدركه بقوله : ( ولكن اليمين ) : بتشديد لكن ونصب اليمين ، وفى نسخة بالتخفيف والرفع ; أي : الحلف ( على المدعى عليه ) : أي : المنكر إن طلب المدعي تحليفه ، فلو حلفه القاضي بغير طلب المدعي ، ثم طلب المدعي التحليف ، فله أن يحلفه ، كذا في الأصول العمادية ، وهذا عام خص منه الحدود واللعان ونحوهما . ( رواه مسلم ) : وفي الجامع الصغير : رواه أحمد والشيخان وابن ماجه .

( وفي شرحه ) : أي : شرح مسلم ( للنووي ) : يجوز قصره ومده ( أنه قال : وجاء في رواية البيهقي بإسناد حسن ، أو صحيح ، زيادة عن ابن عباس مرفوعا ) : الظاهر مرفوعة ( لكن البينة ) : بالوجهين ( على المدعي ) : في المغرب : البينة الحجة فيعلة من البينونة ، أو البيان ( واليمين ) : بالوجهين ( على من أنكر ) : قال النووي : هذا الحديث قاعدة شريفة كلية من قواعد أحكام الشرع ، ففيه أنه لا يقبل قول الإنسان فيما يدعيه بمجرد دعواه ، بل يحتاج إلى بينة ، أو تصديق المدعى عليه ، فإن طلب يمين المدعى عليه فله ذلك ، وقد بين - صلى الله عليه وسلم - الحكمة في كونه لا يعطى بمجرد دعواه أنه لو أعطي بمجردها لادعى قوم دماء قوم وأموالهم واستبيح ، ولا يتمكن المدعى عليه من صون ماله ودمه ، وفيه دلالة لمذهب الشافعي والجمهور ، على أن اليمين متوجهة على كل مدعى عليه ، سواء كان بينه وبين المدعي اختلاط أم لا . وقال مالك ، وأصحابه ، والفقهاء السبعة ، وفقهاء المدينة : إن اليمين لا تتوجه إلا على من بينه وبينه خلطة لئلا يبتذل السفهاء أهل الفضل بتحليفهم مرارا في اليوم الواحد ، فاشترطت الخلطة دفعا لهذه المفسدة ، واختلفوا في تفسير الخلطة ، فقيل : هي معرفته بمعاملته ومداينته بشاهد ، أو بشاهدين ، وقيل : تكفي الشبهة ، وقيل : هي أن يليق به الدعوى بمثلها على مثله ، ودليل الجمهور هذا الحديث ، ولا أصل لذلك الشرط في كتاب ولا سنة ولا إجماع .

التالي السابق


الخدمات العلمية