صفحة جزء
[ ص: 2440 ] 3759 - وعن ابن مسعود رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " من حلف على يمين صبر وهو فيها فاجر يقتطع بها مال امرئ مسلم ، لقي الله يوم القيامة وهو عليه غضبان " فأنزل الله تصديق ذلك : إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا إلى آخر الآية . متفق عليه .


3759 - ( وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : من حلف على يمين صبر ) : في النهاية : الحلف هو اليمين فخالف بين اللفظين تأكيدا . قال النووي : يمين صبر بالإضافة ; أي : ألزم بها وحبس عليها ، وكانت لازمة لصاحبها من جهة الحكم ، وقيل لها مصبورة ، وإن كان صاحبها في الحقيقة هو المصبور ; لأنه صبر من أجلها ; أي : حبس ، فوصفت بالصبر وأضيف إليه مجازا اهـ . وتوضيحه ما قاله ابن الملك : الصبر الحبس والمراد بيمين الصبر أن يحبس السلطان الرجل حتى يحلف بها ، وهى لازمة لصاحبها من جهة الحكم ، وعلى بمعنى الباء ، والمراد المحلوف عليه تنزيلا للحلف منزلة المحلوف عليه ، فعلى هذا قيل لها مصبورة مجازا ، وقيل : يمين الصبر هي التي يكون فيها متعمدا للكذب قاصدا لإذهاب مال المسلم ، كأنه يصبر النفس على تلك اليمين ; أي يحبسها عليها ، وهو المراد هنا لظاهر قوله : ( وهو فيها فاجر ) : أي : كاذب ، والجملة حالية ، وفى رواية بترك الواو ( يقتطع بها مال امرئ مسلم ) : أي : يفصل قطعة من ماله ويأخذها بذلك اليمين ، وفى معنى مال المسلم مال الذمي ، فلا مفهوم معتبر له . قال الطيبي : فيه أن الكذب في الشهادة نوع من أنواع الفجور ، و ( يقتطع بها ) حال من الراجع إلى المبتدأ في ( فاجر ) ، فهي حال مؤكدة تصويرا لشناعتها ، وهو المعني باليمين الغموس ، وذلك ; لأن مرتكب هذه الجريمة قد بلغ في الاعتداء الغاية القصوى ، حيث انتهك حرمة بعد حرمة إحداها : اقتطاع مال لم يكن له ذلك ، والثانية : استحقاق حرمة وجب عليه رعايتها ، وهى حرمة الإسلام ، وحق الآخرة والثالثة : الإقدام على اليمين الفاجرة ( لقي الله يوم القيامة ) : وفي رواية : لقي الله وهو عليه غضبان ، أي : يعرض عنه ، ولا ينظر إليه بعين الرحمة والعناية ، و ( غضبان ) غير منصرف وهو صيغة مبالغة . ولذا قال الطيبي : أي : ينتقم منه ; لأن الغضب إذا أطلق على الله كان محمولا على الغاية ( فأنزل الله تصديق ذلك ) : أي : موافقة لما ذكر من الحديث فهو سبب نزول الآية إن الذين يشترون : أي : يستبدلون ( بعهد الله ) : أي : بما عهد إليهم من أداء الأمانة وترك الخيانة وأيمانهم : أي : الكاذبة ثمنا قليلا : شيئا يسيرا من حطام الدنيا مع أن متاعها كلها قليل ( إلى آخر الآية ) : يعني أولئك لا خلاق لهم ; أي : لا نصيب لهم من الخير في الآخرة ولا يكلمهم الله يوم القيامة : بما يسرهم ويفرحهم ولا ينظر إليهم ; أي : نظر رحمة تنفعهم ولا يزكيهم ; أي : يطهرهم من الذنوب بما حصل لهم من موقف الحساب ولذا قال : ولهم عذاب أليم وفي الآية تهديد جسيم وتشديد عظيم ( متفق عليه ) : ورواه أحمد والأربعة ، عن الأشعث بن قيس ، وابن مسعود .

التالي السابق


الخدمات العلمية