صفحة جزء
[ ص: 383 ] 352 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ( من اكتحل فليوتر من فعل فقد أحسن ، ومن لا فلا حرج ، ومن استجمر فليوتر ، من فعل فقد أحسن ، ومن لا فلا حرج ، ومن أكل فما تخلل ، فيلفظ ، وما لاك بلسانه فليبتلع ، من فعل فقد أحسن ، ومن لا فلا حرج ، ومن أتى الغائط فليستتر ، فإن لم يجد إلا أن يجمع كثيبا من رمل فليستدبره ، فإن الشيطان يلعب بمقاعد بني آدم ، من فعل فقد أحسن ، ومن لا فلا حرج ) رواه أبو داود ، وابن ماجه والدارمي .


352 - ( وعن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ( من اكتحل ) : قال ابن حجر : أي من أراد الاكتحال وكذا البواقي اهـ . ولا يخفى أن المباشر للاكتحال مأمور بالإيتار لا مريد المباشرة فلا يحتاج إلى تقدير ، وكذا البواقي ، والمعنى من شرع في الاكتحال ( فليوتر ) : أي ثلاثا متوالية في كل عين ، وقيل : ثلاثا في اليمنى واثنين في اليسرى ، ليكون المجموع وترا والتثليث علم من فعله - صلى الله عليه وسلم - وإلا فالوتر صادق على مرة ففي شمائل الترمذي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كانت له مكحلة يكتحل منها كل ليلة ثلاثة في هذه وثلاثة في هذه ( من فعل ) : أي كذلك ( فقد أحسن ) : أي : فعل فعلا حسنا ويثاب عليه لأنه سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولأنه تخلق بأخلاق الله تعالى ، فإن الله وتر يحب الوتر ، وهذا يدل على استحباب الإيتار في الأمور ( ومن لا ) : أي : لا يفعل الوتر ( فلا حرج ) قال الطيبي : وفيه دليل على أن أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - يدل على الوجوب ، وإلا لما احتاج إلى بيان سقوط وجوبه بقوله : لا حرج أي لا إثم ( ومن استجمر ) : أي : استنجى بحجر ( فليوتر ) : ثلاثا أو خمسا أو سبعا ( من فعل فقد أحسن ) : أي : بالغ في الحسن ( ومن لا فلا حرج ) إذ المقصود الإنقاء ، وهذا يدل دلالة واضحة على جواز الاستنجاء بأقل من ثلاثة أحجار ، وعدم شرط الإيتار وهو مذهب أبي حنيفة ( ومن أكل فما تخلل ) : يجوز أن تكون شرطية والجزاء ( فليلفظ ) : بالكسر أي : فليرم وليطرح ما أخرجه بالخلال من بين أسنانه ، والشرطية جزاء الشرط الأول ( وما لاك ) : عطف على ما تخلل أي : ما أخرجه بلسانه : قيل : اللوك إدارة الشيء بلسانه ( فليبتلع ) : ويجوز أن يكون ما موصولة مبتدأ خبره فليلفظ ، والفاء في خبر الموصولة لشبهه بالشرط أو لتضمنه له والجملة جزاء الشرط . قال المظهر : إنما أمر بلفظ ما تخلل لأنه ربما يخرج مع الخلال دم بخلاف ما لاك ( من فعل ) : أي : ما ذكر من رمي ذاك عن ابتلاع هذا ( فقد أحسن ) أي : إلى نفسه بعمل الاحتياط ( ومن لا فلا حرج ) وإنما نفي الحرج لأنه لم يتيقن خروج الدم معه وإن تيقن حرم أكله ( ومن أتى الغائط ) : أي : الخلاء ( فليستتر ) قال الخطابي : أمر بالتستر ما أمكن حيث لا يكون قعوده حيث يقع عليه إبصار الناظرين ، فيتهتك الستر أو يهب عليه الريح فيصيبه البلل فتتلوث ثيابه وبدنه ، وكل ذلك من لعب الشيطان به وقصده إياه بالفساد ( فإن لم يجد ) : أي : شيئا ساترا ( إلا أن يجمع كثيبا ) : أي : كومة ( من رمل فليستدبره ) : أي : ليجعله خلفه لئلا يراه أحد . قال الطيبي : الاستثناء متصل أي فإن لم يجد ما يستتر به إلا جمع كثيب من رمل فليجمعه ويستدبره لأن القبل يسهل ستره بالذيل أو بجمع الفخذين ( فإن الشيطان ) فيعال : من شطن أي : بعد ، أو فعلان : من شاط إذا هلك ( يلعب ) : أي : إذا لم يستتر ( بمقاعد بني آدم ) : أي : يتمكن من وسوسة الغير إلى النظر إلى مقعده ( من فعل ) : أي : جمع الكثيب والستر ( فقد أحسن ) : بإساءته إلى الشيطان ودفع وسوسته ( ومن لا فلا حرج ) أي : إذا لم يره أحد ، وأما عند الضرورة فلا حرج على من نظر إليه ( رواه أبو داود ، وابن ماجه ، والدارمي ) .

التالي السابق


الخدمات العلمية