صفحة جزء
3897 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إذا سافرتم في الخصب فأعطوا الإبل حقها من الأرض ، وإذا سافرتم في السنة فأسرعوا عليها السير ، وإذا عرستم بالليل فاجتنبوا الطريق فإنها طرق الدواب ، ومأوى الهوام بالليل " .

وفي رواية : " إذا سافرتم في السنة فبادروا بها نقيها " . رواه مسلم .


3897 - ( وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : إذا سافرتم في الخصب ) : بكسر المعجمة ; أي : زمان كثرة العلف والنبات ( فأعطوا الإبل حقها ) : أي : حظها ( من الأرض ) : أي : من نباتها يعني دعوها ساعة فساعة ترعى ، إذ حقها من الأرض رعيها فيه ، ( وإذا سافرتم في السنة ) : أي القحط ، أو زمان الجدب ( فأسرعوا عليها ) : أي : راكبين عليها ( السير ) : مفعول أسرعوا ، والمعنى لا توقفوها في الطريق لتبلغكم المنزل قبل أن تضعف ( فإذا عرستم ) : بتشديد الراء ) ; أي : نزلتم ( بالليل ) : فيه تجريد إذ التعريس هو النزول في آخر الليل على ما في المصباح . وقال صاحب القاموس : أعرس القوم نزلوا في آخر الليل للاستراحة كعرسوا ، وهذا أكثر ، والظاهر أن المراد هنا النزول في الليل مطلقا ، كما يدل عليه تعليله عليه الصلاة والسلام بقوله : ( فاجتنبوا ) : أي : في نزولكم ( الطريق فإنها طرق الدواب ) : أي : دواب المسافرين ، أو دواب الأرض من السباع وغيرها ( ومأوى الهوام بالليل ) : وهي بتشديد الميم جمع هامة كل ذات سم . وقال النووي : التعريس النزول في آخر الليل وللراحة فيه ، وقيل : هو النزول في أي وقت كان من ليل ، أو نهار ، والمراد في الحديث الأول أرشد إليه صلوات الله وسلامه عليه ; لأن الحشرات ودواب الأرض وذوات السموم والسباع وغيرها تطرق في الليل على الطرق لتلقط ما سقط من المارة من مأكول ونحوه .

( وفي رواية : إذا سافرتم في السنة فبادروا بها نقيها ) : بكسر فسكون فتحتية ; أي : أسرعوا عليها السير ما دامت قوية باقية النقي ، وهو المخ . قال التوربشتي : ومن الناس من يروي نقبها بالباء الموحدة بعد القاف ، ويرى الضمير فيه راجعا إلى الأرض ، ويفسر النقب بالطريق وليس ذلك بشيء ، وهو من التصحيفات التي نزل فيها العالم فضلا عن الجاهل . قال الأشرف في الصحاح : نقب البعير بالكسر إذا رقت أخفافه ، وأنقب الرجل إذا نقب بعيره ونقب الخف الملبوس إذا تخرقت ، فيمكن أن يجعل هذا اللفظ بهذا المعنى ، فلا يكون تصحيفا . قلت : حكم الشيخ عليه بالتصحيف فرع عدم ثبوته ووجود ثبوت الرواية بغيره ، فبمثل هذا الاحتمال من الدراية لا يرتفع كونه تصحيفا في الرواية ; لأنه لم يدع أنه ليس له معنى ، حتى يرد عليه ما ذكره من المبني . وفي شرح مسلم للنووي : " نقيها " بكسر النون وإسكان القاف وهو المخ اهـ .

والظاهر أنه منصوب على أنه مفعول " بادروا " وعليه الأصول من النسخ المضبوطة . قال الطيبي : يحتمل الحركات الثلاث أن يكون منصوبا مفعولا به وبها حال منه ; أي : بادروا نقيها إلى المقصد ملتبسا بها ، أو من الفاعل ; أي : ملتبسين بها ، ويجوز أن تكون الباء سببية ; أي : بادروا بسبب سيرها نقيها ، وأن تكون للاستعانة ; أي : بادروا نقيها مستعينين بسيرها ، ويجوز أن يكون مرفوعا فاعلا للظرف ، وهو حال ; أي : بادروا إلى المقصد ملتبسا بها نقيها ، أو مبتدأ والجار والمجرور خبره ، والجملة حال كقولهم : فوه إلى في ، وأن يكون مجرورا بدلا من الضمير المجرور ، والمعنى سارعوا بنقبها إلى المقصد باقية النقي ، فالجار والمجرور حال ، وليت شعري كيف يستقيم المعنى مع إرادة نقب الخف اهـ . ملخصا . ( رواه مسلم ) : وكذا أبو داود ، والترمذي .

التالي السابق


الخدمات العلمية