صفحة جزء
3927 - وعنه ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعث بكتابه إلى كسرى مع عبد الله بن حذافة السهمي ، فأمره أن يدفعه إلى عظيم البحرين ، فدفعه عظيم البحرين إلى كسرى فلما قرأ مزقه ، قال ابن المسيب : فدعا عليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يمزقوا كل ممزق . رواه البخاري .


3927 - ( وعنه ) : أي : عن ابن عباس رضي الله عنهما ( أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعث بكتابه إلى كسرى ) : بكسر الكاف ويفتح وبفتح الراء ويمال ملك الفرس معرب خسرو ; أي : واسع الملك كما في القاموس . ( مع عبد الله بن حذافة ) : بضم أوله ( السهمي ) : قال المؤلف : هو عبد الله بن جزء بفتح الجيم وسكون الزاي بعدها همزة ، أبو الحارث سكن مصر وشهد بدرا ، ومات سنة خمسة وثمانين بمصر . ( فأمره أن يدفعه إلى عظيم البحرين ) وهو بلد على ساحل البحر قريب البصرة ( فدفعه عظيم البحرين إلى كسرى ) : قال التوربشتي : الفاء في فدفعه معطوف على مقدرات معدودة ) ; أي : فذهب إلى عظيم البحرين فدفع إليه ، ثم بعثه العظيم إلى كسرى فدفعه إليه ( فلما قرأ ) : أي : قرأه كما في نسخة ( مزقه ) : أي : قطعه ( قال ابن المسيب ) : في البخاري ، قال الراوي : فحسبت أن ابن المسيب قال : ( فدعا عليهم ) : أي : عليه وعلى أتباعه ممن حمله على التمزيق ( رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يمزقوا كل ممزق ) : قال التوربشتي : أي : يفرقوا كل نوع من التفريق ، وأن يبددوا كل وجه ، والممزق مصدر كالتمزق ، والذي مزق كتاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هو أبرويز بن هرمز بن أنوشروان ، قتله ابنه شيرويه ، ثم لم يلبث بعد قتله إلا ستة أشهر ، يقال : إن أبرويز لما أيقن بالهلاك ، وكان مأخوذا عليه فتح خزانة الأدوية وكتب على حقة : السم الدواء النافع للجماع ، وكان ابنه مولعا بذلك فاحتال في هلاكه ، فلما قتل أباه فتح الخزانة ، فرأى الحقة حاول منها ، فمات من ذلك السم ، ويزعم الفرس أنه مات أسفا على قتله أباه ، ولم يقم لهم بعد الدعاء عليهم بالتمزيق أمر نافذ ، بل أدبر عنهم الإقبال ومالت عنهم الدولة ، وأقبلت عليهم النحوسة حتى انقرضوا عن آخرهم اهـ . وكان فتح بلاد العجم في زمن عمر رضي الله عنه ، وكان ملكهم في ذلك في يزدجرد بن شهريار بن شيرويه بن أبرويز ، وتزوج الحسين بن علي رضي الله عنهما بنت يزدجرد ( رواه البخاري ) .

وفي المواهب : كتب - صلى الله عليه وسلم - إلى كسرى : بسم الله الرحمن الرحيم من محمد رسول الله إلى كسرى عظيم فارس ، سلام على من اتبع الهدى وآمن بالله ورسوله ، وشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأن محمدا عبده ورسوله ; أدعوك بدعاية الله ، فإني رسول الله إلى الناس كلهم لينذر من كان حيا ، ويحق القول على الكافرين . أسلم تسلم ، فإن توليت فعليك إثم المجوس ، فلما قرأ عليه الكتاب مزقه ، فبلغ ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : مزق ملكه ، قيل : بعثه مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، والذي في البخاري هو الصحيح ، وفي كتاب الأموال لأبي عبيد من مرسل عمر بن إسحاق قال : كتب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى كسرى وقيصر ، فأما كسرى ، فلما قرأ الكتاب مزقه . وأما قيصر ; فلما قرأ الكتاب طواه ، ثم رفعه ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أما هؤلاء فيمزقون وأما هؤلاء فسيكون لهم بقية . روى أنه لما جاءه جواب كسرى قال : مزق ملكه ، ولما جاءه جواب هرقل قال : ثبت ملكه .

وذكر في فتح الباري عن سيف الدين المنصوري ، أنه قدم على ملك الغرب بهدية من الملك المنصور قلاوون ، فأرسله ملك الغرب إلى الفرنج في شفاعة ، وأنه قبله وكرمه ، وقال : لأتحفنك بتحفة سنية ، فأخرج له صندوقا مصفحا بذهب ، فأخرج له مقلمة من ذهب ، وأخرج منها كتابا قد زالت أكثر حروفه ، وقد ألصقت عليه خرقة حرير فقال : هنا كتاب نبيكم لجدي قيصر ما زلنا نتوارثه إلى الآن ، وأوصانا آباؤنا عن آبائهم إلى قيصر ، أنه ما دام هذا الكتاب عندنا لا يزال الملك فينا ، فنحن نحفظه غاية الحفظ ونعظمه ونكتمه عن النصارى ليدوم الملك فيما قال القسطلاني : هم قيصر بالإسلام ، فلم توافقه الروم فخافهم على ملكه فأمسك .

التالي السابق


الخدمات العلمية