صفحة جزء
3999 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما ، قال : كنا نصيب في مغازينا العسل والعنب فنأكله ولا نرفعه . رواه البخاري .


3999 - ( وعن ابن عمر رضي الله عنهما ، قال : كنا نصيب في مغازينا ) : جمع المغزى وهو مصدر ميمي ، أو اسم زمان ، أو مكان من غزا يغزو فأصل مغازينا أبدلت الواو ياء لسكونها وانكسار ما قبلها ، والمعنى نلقى فيها ( العسل والعنب فنأكله ) أي : كلا منهما ونحوهما ( ولا نرفعه ) . أي : إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لأجل القسمة ، واتفقوا على جواز أكل الغزاة طعام الغنيمة قبل القسمة على قدر الحاجة ما داموا في دار الحرب ، الخبز واللحم وغيرهما سواء . وقال الطيبي : يحتمل أن يريد إنا لا نرفعه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ونستأذنه في أكله لما سبق منه من الإذن وأن يريد ولا ندخره . قال ابن الهمام ، عند قول صاحب الهداية ، ولا بأس بأن يعلف العسكر في دار الحرب ، ويأكلوا ما وجدوه من الطعام ، حاصل ما هنا أن الموجود إما ما يؤكل أولا وما يؤكل إما يتداوى به كالهليلج أولا . فالثاني : ليس لهم استعماله إلا ما كان من السلاح والكرع كالفرس ، فيحوز بشرط الحاجة بأن مات فرسه ، أو انكسر سيفه ، أما إن أراد أن يوفر سيفه وفرسه باستعماله ذلك لا يجوز ، ولو فعل أثم ولا ضمان عليه لو أتلف نحو الحطب ، بخلاف الخشب المنحوت ; لأن الاستحقاق على الشركة فلا يختص بعضهم ببعض المستحق على وجه يكون أثر الملك فضلا عن الاستحقاق بخلاف حالة الضرورة ، فإنها سبب الرخصة فيستعمله ، نعم يرده إلى الغنيمة إذا انقضى الحرب ، وكذا الثوب إذا ضره البرد يستعمله ، ثم يرده [ ص: 2584 ] إذا استغنى عنه ، ولو تلف قبل الرد لا ضمان عليه ، ولو احتاج الكل إلى الثياب والسلاح قسمها حينئذ بخلاف السبي ، فإنه لا يقسم إذا احتيج إليه ; لأنه من فضول الحوائج لا أصولها ، وأما ما يتداوى به فليس لأحد تناوله ، وكذا الطيب والأدهان التي لا تؤكل كدهن البنفسج ; لأنه ليس في محل الحاجة إلى الفضول ، وقال عليه الصلاة والسلام : " ردوا الخيط والمخيط " ولا شك أنه لو تحقق بأحدهم مرض يحوجه إلى استعمالها كان له ذلك كلبس الثوب ، فالمعتبر حقيقة الحاجة ، وأما ما يوكل لا للتداوي سواء كان مهيئا للإبل كاللحم المطبوخ والخبز والزيت والعسل والسكر والفاكهة اليابسة والرطبة والبصل والشعير والتبن والأدهان المأكولة كالزيت ، فلهم الأكل والادهان بتلك الأدهان ; لأن الادهان انتفاع في البدن كالأكل ، وكذا ترقيح الدابة وهو تصليب حافرها بالدهن ، وكذا كل ما لا يكون مهيئا كالغنم والبقر ، فلهم ذبحها وأكلها ، ويردون الجلد إلى الغنيمة ، ثم شرط في السير الصغير الحاجة إلى التناول من ذلك وهو القياس ، ولم يشترطها في السير الكبير وهو الاستحسان ، وبه قالت الأئمة الثلاثة ، فيجوز لكل من الغني والفقير تناوله إلا لتاجر ، والراجل والجندي بأجر لا يحل لهم ، ولو فعلوا لا ضمان عليهم ، ويأخذ ما يكفيهم هو ومن معه من عبيده ونسائه وصبيانه الذين دخلوا معه . ( رواه البخاري ) .

قال ابن الهمام : وروى البيهقي بإسناده عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم خيبر : " كلوا واعلفوا ولا تحملوا " . وأخرجه الواقدي في مغازيه بغير هذا السند ، وأخرج البيهقي عن هانئ بن كلثوم ، أن صاحب جيش الشام كتب إلى عمر : إنا فتحنا أرضا كثيرة الطعام والعلف ، فكرهت أن أتقدم لشيء من ذلك إلا بأمرك فكتب إليه : دع يأكلون ويعلفون ، فمن باع شيئا بذهب ، أو فضة ففيه خمس لله وسهام للمسلمين .

التالي السابق


الخدمات العلمية