صفحة جزء
4565 - وعنه ، قال : قلت : يا رسول الله ! إنا نرسل الكلاب المعلمة ، قال : " كل ما أمسكن عليك " قلت : وإن قتلن ؟ قال : " وإن قتلن " قلت : إنا نرمي بالمعراض . قال : " كل ما خزق ، وما أصاب بعرضه فقتل فإنه وقيذ فلا تأكل " . متفق عليه .


4065 - ( وعنه ) أي : عن عدي ( قال : قلت : يا رسول الله ! إنا نرسل الكلاب المعلمة ) : بفتح اللام المشددة أي : فبين ما يجوز لنا أكله وما لا يجوز . ( قال : كل ما أمسكن عليك ) : في هذا الإطلاق المطابق لقوله تعالى : ( فكلوا مما أمسكن عليكم ) من غير قيد بالجرح تأييد لما روى الحسن عن أبي حنيفة وأبي يوسف ، أنه لا يشترط الجرح ، وظاهر المذهب أنه يشترط جرح ذي الناب وذي المخلب للصيد في أي موضع كان لتحقق الذكاة الاضطرارية ، قالوا : ووجهه أن المقصود إخراج الدم المسفوح وهو بالجرح عادة فأقيم الجرح مقامه ، كما في [ ص: 2644 ] الذكاة الاختيارية والرمي بالسهم ، ولأنه لو لم يجرحه صار موقوذة . وهي محرمة بالنص . ( قلت : وإن قتلن ؟ ) أي : الصيد ، وإن وصلية ( قال : وإن قتلن قلت : إنا نرمي بالمعراض ) : بكسر الميم هو السهم الثقيل الذي لا ريش له ولا نصل ذكره ابن الملك ، وهو كذا في النهاية . وفي المغرب : سهم لا ريش عليه يمضى عرضا فيصيب بعرض العود لا بحده ، وفي القاموس : كمحراب سهم بلا ريش رقيق الطرفين غليظ الوسط يصيب بعرضه دون حده . وقال النووي : بكسر الميم خشبة ثقيلة ، أو عصا في طرفها حديدة ، وقد تكون بغير حديدة ، وهذا هو الصحيح في تفسيره . وقال الهروي : هو سهم لا ريش فيه ولا نصل ، وقيل سهم طويل له أربع قدد رقاق ، فإذا رمي به اعترض ، وقيل هو رقيق الطرفين غليظ الوسط إذا رمى به ذهب مستويا اهـ . ويصح إرادة الكل كما لا يخفى ، ويدل عليه الجواب ( قال : كل ما خزق ) : بفتح الخاء المعجمة والزاي بعدها قاف أي : نفذ ، ذكره السيوطي . وفي النهاية : خزق السهم أصاب الرمية ونفذ فيها وقال النووي : خزق بالخاء والزاي المعجمتين معناه نفذ . وقال بعض الشراح من علمائنا : الخزق الطعن وهو الظاهر ، ويؤيده ما في القاموس خزقه ، طعنه ، والخازق السنان ، ومن السهام المقرطس ، وفيه رمى فقرطس أي : أصاب القرطاس ، فالمعنى كل ما جرح وقتل وهو ما أصاب بحده لقوله : ( وما أصاب ) أي : المعراض وغيره ( بعرضه ) أي : بحيث ما جرحه ( فقتل ) : بصيغة الفاعل أي : فقتله كما في نسخة صحيحة يعني بثقله ( فإنه وقيذ ) : بالذال المعجمة فعيل بمعنى المفعول أي : موقوذ مضروب ضربا شديدا بعصا ، أو حجر حتى مات . قال السيوطي : الوقيذ ما قتل بعصا ، أو حجر ، أو ما لا حد له . ( فلا تأكل ) : جواب الشرط ، أو خبر المبتدأ لتضمنه معنى الشرط ، وقوله : فإنه وقيذ علة للنهي قدمت عليه ، ويمكن أن تكون الجملة الاسمية هي الجزاء ، والنهي فرع مرتب عليه ، فيكون استدلالا بقوله تعالى : ( والموقوذة ) قال النووي : الوقيذ والموقوذ هو الذي يقتل بغير محدد من عصا ، أو حجر ، أو غيرهما ، واتفقوا على أنه إذا اصطاد بالمعراض فقتل الصيد بحده حل ، وإن قتله بعرضه لم يحل . وقالوا : لا يحل ما قتله بالبندقة مطلقا لحديث المعراض . وقال مكحول والأوزاعي وغيرهما من فقهاء الشام : يحل ما قتل بالمعراض والبندقة . ( متفق عليه ) .

وفى الشمني : روى أصحاب الكتب الستة عن عدي بن حاتم قال : قلت : يا رسول الله ! إني أرمي بالمعراض الصيد فأصيد . قال : إذا أصاب بحده فكل وإذا أصاب بعرضه فقتل فلا تأكل فإنه وقيذ قال : ولأنه لا بد من الجرح ليتحقق معنى الذكاة وعرض المعراض لا يجرح ، ولذا لو قتله ببندقة ثقيلة ذات حدة حرم الصيد ; لأن البندقة تكسر ولا تجرح ، فكانت كالمعراض ، أما لو كانت خفيفة ذات حدة لم يحرم لتيقن الموت بالجرح ، فلو رمى صيدا بسكين ، أو بسيف إن أصابه بحده أكل ، وإلا لا . ولو رماه بحجر إن كان ثقيلا لا يؤكل ، وإن جرح لاحتمال أنه قتل بثقله وإن كان خفيفا ، وبه حدة وجرح ، يؤكل لتيقن الموت بالجرح ، والأصل هنا أن الموت إن حصل بالجرح بيقين يؤكل ، وإن حصل بالثقل أو شك فيه لا يؤكل حتما ، أو احتياطا .

التالي السابق


الخدمات العلمية