صفحة جزء
4113 - وعن ابن أبي أوفى - رضي الله عنهما - قال : غزونا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سبع غزوات كنا نأكل معه الجراد . متفق عليه .


4113 - ( وعن ابن أوفى - رضي الله عنه - ) : لم يذكره المؤلف في أسمائه بهذه العبارة ، بل قال عبد الله بن أبي أوفى هو عبد بن أنيس الجهني الأنصاري - رضي الله عنهما - شهد أحدا وما بعدها ، روى عنه أبو أمامة وجابر وغيرهما ، مات سنة أربع وخمسين بالمدينة . ( قال : غزونا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سبع غزوات كنا نأكل معه الجراد ) : لفظ : ( معه ) ليس في مسلم ولا الترمذي . قال . التوربشتي : رواية من روى معه مئول على أنهم أكلوه وهو معه ، فلم ينكر عليهم . وهذا يدل على إباحته ولو صرفه مئول إلى الأكل ، فإنه محتمل ، وإنما رجحنا التأويل الأول لخلو أكثر الروايات من هذه الزيادة ، ولما ورد في الحديث أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يكن يأكل الجراد ، وذكر ذلك من حديث سلمان - رضي الله عنهما - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد سئل عن الجراد فقال : ( أكثر جنود الله لا آكله ولا أحرمه ) . فإن قيل : كيف يترك الحديث الصحيح بمثل هذا الحديث ؟ قلنا : لم نتركه ، وإنما أولنا لما فيه من الاحتمال كي يوافق سائر الروايات ، ولا يرد الحديث الذي أوردناه وهو من الواضح الجلي اهـ .

وهو مع وضوحه الجلي خفي على الطيبي فقال : التأويل الأول ، وهو قوله : أكلوه وهم معه بعيد ؛ لأن المعية تقتضي المشاركة في الفعل كما في قوله : غزونا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقد صرح به صاحب الكشاف ، وقد مر بيانه . قلت : التأويل لا يكون إلا بعيدا مخالفا للظاهر ، ثم المعية تقتضي المشاركة في الأكل لو كانت معلقة به ، وجعلها الشيخ متعلقة بمقدر ، وجعلها في محل نصب على أنه حال ، ولذا قال : وهو معه أي : مصاحبون له فلا غبار في ذلك ، بل يتعين جمعا بين الأحاديث . قال : والرواية الخالية عنه مطلقة تحتمل الأمرين ، وهذه مقيدة ، فالمطلق يحمل على المقيد . قلت : المناقشة في تحقيق التقييد والمطلق تدل على نفيه في الجملة وكفي به للتأييد قال : وقوله في الحديث الآخر ، وقد سئل عن الجراد : الحديث ضعفه محيي السنة ، قلت : لا يلزم من تضعيفه تضعيف غيره ، مع أن الشيخ لم يدع تصحيحه لا سيما ولم يبين وجه ضعفه بالتصريح ، ولعله أخذه من هذا الحديث الصحيح مع أنه يقويه ، الحديث لم يكن يأكل الجراد إذ نفي الكون يدل على الاستمرار لغة وعرفا ، فقول الطيبي ورواية الراوي : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يكن يأكل الجراد إخبار عن عدم الأكل بأنه لم يكن معه فلم يشاهد اهـ . فغفلة عما ذكرناه ، ثم الجراد يؤكل ميتا على كل حال ، وقال مالك : لا يؤكل منه ما مات حتف أنفه من غير سبب يصنع به . ( متفق عليه ) : ورواه أبو داود ، والترمذي ، والنسائي .

التالي السابق


الخدمات العلمية