صفحة جزء
4117 - وعن ابن عمر - رضي الله عنهما - أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول : " اقتلوا الحيات ، واقتلوا ذا الطفيتين والأبتر فإنهما يطمسان البصر ، ويستسقطان الحبل " قال عبد الله : فبينا أنا أطارد حية أقتلها ، ناداني أبو لبابة : لا تقتلها . فقلت : إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر بقتل الحيات . فقال : إنه نهى بعد ذلك عن ذوات البيوت ، وهن العوامر . متفق عليه .


4117 - ( وعن ابن عمر - رضي الله عنهما - أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول : اقتلوا الحيات ) أي : كلها عموما ( واقتلوا ) أي : خصوصا ( ذا الطفيتين ) : بضم الطاء المهملة وسكون الفاء ، وفي نسخة بفتح الفاء والتحتية المشددة على صيغة التصغير ، أي : صاحبهما وهي حية خبيثة على ظهرها خطان أسودان كالطفيتين ، والطفية بالضم على ما في القاموس خوصة المقل والخواص بالضم ورق النخل الواحدة بهاء ، والمقل بالضم صمغ شجرة ، وفي النهاية : الطفية خوصة المقل شبه به الخطان اللذان على ظهر الحية في قوله : ( ذا الطفيتين ) . ( والأبتر ) : بالنصب عطفا على ذا قيل : هو الذي يشبه المقطوع الذنب لقصر ذنبه ، وهو من أخبث ما يكون من الحيات . ( فإنما يطمسان ) : بفتح الياء وكسر الميم أي : يعميان ( البصر ) أي : بمجرد النظر إليهما لخاصية السمية في بصرهما ( ويستسقطان ) : من باب الاستفعال للمبالغة أي : ويسقطان ( الحبل ) : بفتحتين أي الجنين عند النظر إليهما بالخاصة السمية ، أو من الخوف الناشئ منهما لبعض الأشخاص . قال القاضي وغيره : جعل ما يفعلان بالخاصة كالذي يفعل بقصد وطلب ، وفي خواص الحيوان عجائب لا تنكر ، وقد ذكر في خواص الأفعى أن الحبل يسقط عند مرافقة النظرين ، وفي خواص بعض الحيات أن رؤيتها تعمي ، ومن الحيات نوع يسمى الناظور متى وقع نظره على إنسان مات من ساعته ، ونوع آخر إذا سمع الإنسان صوته مات . قال النووي قوله : يطمسان البصر أي يخطفانه لمجرد نظرهما إليه بخاصية جعلها الله تعالى في بصرهما إذا وقع على بصر الإنسان ، ويؤيد هذه الرواية الأخرى لمسلم : يخطفان ، قال العلماء : وفي الحيات نوع يسمى الناظر إذا وقع نظره على عين الإنسان مات من ساعته .

( قال عبد الله ) أي : ابن عمر - رضي الله تعالى عنهما - بقرينة تقدم ذكره وإلا فاصطلاح المحدثين على أنه إذا أطلق عبد الله فهو ابن مسعود أي : قال الراوي عن ابن عمر قال عبد الله : ( فبينا أنا أطارد ) : من باب المفاعلة [ ص: 2669 ] للمغالبة أو المبالغة أي : أطرد ( حية ) : وأتبعها لألحقها ( أقتلها ) أي : حال كوني أريد قتلها ( ناداني أبو لبابة ) : بضم اللام صحابي مشهور ( لا تقتلها ) : أي قال : لا تقتلها أو بقوله : لا تقتلها . وفي نسخة : لم تقتلها ؟ أي : لأي شيء تريد قتلها ؟ ( فقلت : إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر بقتل الحيات ) أي : جميعها ( فقال : إنه نهى بعد ذلك عن ذوات البيوت ) : بضم الباء وكسرها أي : صواحبها لملازمتها ( وهن ) أي : ذوات البيوت ( العوامر ) أي : للبيوت حيث تسكنها ولم تفارقها . واحدتها عامرة ، وقيل سميت بها لطول عمرها كذا في النهاية : وقال التوربشتي : عمار البيوت وعوامرها سكانها من الجن . ( متفق عليه ) : ورواه أحمد ، وأبو داود ، والنسائي ، وابن ماجه .

وروى الطبراني ، عن ابن عباس - رضي الله عنهما - مرفوعا ( اقتلوا الحية والعقرب وإن كنتم في الصلاة ) . وروى أبو داود ، والترمذي ، وابن حبان ، والحاكم ، عن أبي هريرة - رضي الله عنهم - مرفوعا ( اقتلوا الأسودين في الصلاة الحية والعقرب ) . وروى الخطيب ، عن ابن مسعود : من قتل حية أو عقربا فكأنما قتل كافرا . وروى أحمد عن ابن مسعود : من قتل حية فكأنما قتل رجلا مشركا قد حل دمه . وروى أبو داود ، والنسائي ، عن ابن مسعود . والطبراني عن جرير وعن عثمان بن أبي العاص مرفوعا : ( اقتلوا الحيات كلهن فمن خاف ثأرهن فليس مني ) . والظاهر أن هذه الأحاديث مطلقة محمولة على ما عدا سواكن البيوت لما سبق من الحديث ولما يليه ، وهو قوله .

التالي السابق


الخدمات العلمية