صفحة جزء
[ ص: 408 ] 399 - وعن المغيرة بن شعبة - رضي الله عنه - قال : إن النبي - صلى الله عليه وسلم - توضأ فمسح بناصيته وعلى العمامة وعلى الخفين . رواه مسلم .


399 - ( وعن المغيرة بن شعبة ) : من ثقيف أسلم عام الخندق ، وأول مشاهده الحديبية كان أمير الكوفة لمعاوية ومات بها قاله الطيبي وكذا المصنف . ( قال : إن النبي - صلى الله عليه وسلم - توضأ فمسح بناصيته ) : قيل : الباء زائدة ، وقيل تبعيضية ، وقال بعضهم : الباء تنبيه على أن المسح التصق بالرأس من غير حائل ، وقال ابن الملك : إن جعلت الباء تبعيضية ففيه دليل للشافعي على وجوب مسح قدر ما يطلق عليه اسم المسح ، وإن جعلت زائدة ففيه دليل لأبي حنيفة في التقدير بالربع وهو قدر الناصية ( وعلى العمامة ) : قال بعض الشراح من علمائنا : يحتمل أنه مسح بناصيته وسوى عمامته بيديه ، فحسب الراوي تسوية العمامة عند المسح مسحا ، وما روي عن ثوبان أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعث سرية فأصابهم البرد ، فلما قدموا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمرهم أن يمسحوا على العصائب كانت معصبة على الجراح ، يحتمل ذلك قبل نزول الآية ، فقد ذكر العلماء أن المائدة آخر ما نزل من سور القرآن ، فالأخذ بظاهر الآية في هذه المسألة أولى اهـ .

قال القاضي : اختلفوا في المسح على العمامة ، فمنعه أبو حنيفة ومالك رحمهما الله تعالى مطلقا أي لظاهر التنزيل ، وجوز الثوري وداود وأحمد رحمهم الله الاقتصار على مسحها ، إلا أن أحمد اعتبر التعميم على طهر كلبس الخف . وقال الشافعي رحمه الله : لا يسقط الفرض بالمسح عليها لظاهر الآية الدالة على الإلصاق والأحاديث العاضدة إياها ، لكن لو مسح من رأسه ما ينطلق عليه اسم المسح وكان يعسر عليه رفعها ، وأمر اليد المبتلة عليها بدل الاستيعاب كان حسنا كذا ذكره الطيبي ( وعلى الخفين ) : أي : ومسح عليهما وهو جائز إجماعا وأحاديثه متواترة معنى ، فقد رواه عنه - صلى الله عليه وسلم - ثمانون صحابيا . ( رواه مسلم ) وكذا الطبراني ، ورواه أبو داود والحاكم وسكتا عنه من حديث أبي معقل قال : رأيت رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم يتوضأ وعليه عمامة قطرية ، فأدخل يده من تحت العمامة فمسح مقدم رأسه ولم ينقض العمامة القطريه بكسر القاف وسكون الطاء ضرب من البرود ، كذا في الصحاح . قال الشمني : ومعلوم أن الناصية ومقدم الرأس أحد جوانبها الأربعة ، فلو كان مسح الربع ليس بمجزئ لم يقتصر عليه السلام في ذلك الوقت عليه ، ولو كان مسح ما دونه مجزئا لفعله عليه الصلاة والسلام ولو مرة في عمره تعليما للجواز اهـ . فالحديث حجة على المالكية والشافعية .

التالي السابق


الخدمات العلمية