صفحة جزء
4168 - وعن أبي جحيفة - رضي الله عنه - قال : قال النبي - صلى الله عليه وسلم : " لا آكل متكئا . رواه البخاري .


4168 - ( وعن أبي جحيفة ) : بضم الجيم وفتح الحاء المهملة وبالفاء ، ذكر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - توفي ، وهو لم يبلغ الحلم ، ولكنه سمع منه وروى عنه ، مات بالكوفة سنة أربع وسبعين ، روى عنه ابنه وجماعة من التابعين - رضي الله عنهم - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : " لا آكل متكئا ) . قال الخطابي : يحسب أكثر العامة أن المتكئ هو المائل المعتمد على أحد شقيه ، وليس معنى الحديث ما ذهبوا إليه ، فإن المتكئ ، هاهنا هو المعتمد على الوطاء ، الذي تحته ، وكل من استوى قاعدا على وطاء فهو متكئ ، والمعنى أني إذا أكلت لم أقعد متمكنا على الأوطئة ، فعل من يريد أن يستكثر من الأطعمة ، ولكني آكل علقة من الطعام ، فيكون قعودي مستوفزا له اهـ .

وفسر الأكثرون الاتكاء بالميل على أحد الجانبين ؛ لأنه يضر بالآكل ، فإنه يمنع مجرى الطعام الطبيعي عن هيئته ويعوقه عن سرعة نفوذه إلى المعدة ويضغط المعدة فلا يستحكم فتحها للغذاء ، ونقل في الشفاء من المحققين أنهم فسروه بالتمكن للأكل ، والقعود في الجلوس كالمتربع المعتمد على وطاء تحته ; لأن هذه الهيئة تستدعي كثرة الأكل ، وتقتضي الكبر ، وورد بسند ضعيف أنه - صلى الله عليه وسلم - زجر أن يعتمد الرجل بيده اليسرى عند الأكل ، وقد أخرج ابن أبي شيبة عن النخعي أنهم كانوا يكرهون أن يأكلوا متكئين مخافة أن تعظم بطونهم .

قال ابن القيم : ويذكر عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يجلس للأكل متوكئا على ركبته ، ويضع بطن قدمه اليسرى تواضعا لله عز وجل وأدبا بين يديه . قال : وهذه الهيئة أنفع هيئات الأكل وأفضلها ؟ لأن الأعضاء كلها تكون على وضعها الطبيعي الذي خلقها الله عليه . ( رواه البخاري ) . ولفظ الترمذي : " أما أنا فلا آكل متكئا " . وفي الجامع الصغير : لا آكل وأنا متكئ " . رواه أحمد والبخاري ، وأبو داود ، وابن ماجه .

التالي السابق


الخدمات العلمية