صفحة جزء
4180 - وعن أنس - رضي الله عنه : " أن خياطا دعا النبي - صلى الله عليه وسلم - لطعام صنعه فذهبت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فقرب خبز شعير ومرقا فيه دباء وقديد ( قال أنس - رضي الله تعالى عنه - ) : فرأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يتتبع الدباء من حوالي القصعة ، فلم أزل أحب الدباء بعد يومئذ " . متفق عليه .


4180 - ( وعن أنس أن خياطا دعا النبي - صلى الله عليه وسلم - لطعام ) : أي إلى طعام أو لأجل طعام ( صنعه ، فذهبت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ) : أي إلى ذلك الطعام ، كما في رواية ، وهو إما بطلب مخصوص أو بالتبعية له - صلى الله عليه وسلم - لكونه خادما له عملا بالرضا العرفي ( فقرب خبز شعير ومرقا ) : بفتحتين ( فيه دباء ) : بضـم الدال وتشديد الموحدة والمد ، وقد يقصر : القرع والواحدة دباءة ، ( وقديد ) : أي لحم مملوح مجفف في الشمس فعيل بمعنى مفعول ، والقد القطع طولا . وفي السنن عن رجل : " دخلت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - بشاة ونحن مسافرون فقال : " أمالح لحمها " ، فلم أزل أطعمه إلى المدينة " . ( قال أنس - رضي الله تعالى عنه : فرأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يتتبع الدباء ) : أي يتطلبه ( من حوالي القصعة ) : بفتح اللام وسكون الياء ، وإنما كسرها لالتقاء الساكنين ، يقال : رأيت الناس حوله وحوليه وحواليه ، واللام مفتوحة في الجميع ، ولا يجوز كسرها على ما في الصحاح ، وتقول حوالي الدار . قيل : كأنه في الأصل حوالين كقولك جامين ، فسقطت النون للإضافة ، والصحيح هو الأول ، ومنه قوله - صلى الله عليه وسلم : اللهم حوالينا ولا علينا " .

قال الطيبي : كله . بمعنى وهو ظرف اهـ ، وهو مفرد اللفظ جمع المعنى أي جوانب القصعة ، وهي بفتح القاف ، وهي ما يشبع عشرة أنفس ، وفي بعض نسخ الشمائل : حوالي الصحفة " ، وهي ما يشبع خمسة أنفس ، وقيل : معناهما واحد ، وهو إما بالنسبة لجانبه - صلى الله عليه وسلم - دون جانب البقية أو مطلقا ، ولا يعارضه نهيه عن ذلك لأنه للتقذر والإيذاء ، وهو منتف في حقه - صلى الله عليه وسلم - لأنهم كانوا يودون ذلك منه لتبركهم بآثاره ، حتى نحو بصاقه ومخاطه يدلكون بها وجوههم ، وقد شرب بعضهم بوله وبعضهم دمه . في شرح السنة : فيه دليل على أن الطعام إذا كان مختلفا يجوز أن يمد يده إلى ما لا يليه إذا لم يعرف من صاحبه كراهيته . وفي رواية عن أنس أنه قال : " فجعلت أتتبعه إليه ولا أطعمه وأضعه بين يديه لما أعلم أنه يحبه " ، ( فلم أزل أحب الدباء ) : أي محبة شرعية لا طبعية شهوية ، أو المراد أحبها محبة زائدة ( بعد ) : بفتح دالها وفي نسخة بضمها ، وقوله : ( يومئذ ) : بفتح الميم وكسرها على الأول وبفتح الميم على الثاني ، وفي الشمائل " من يومئذ " بكسر الميم على أنه معرب مجرور بمن أو بفتحها على اكتساب البناء من المضاف إليه .

قال الطيبي : يحتمل أن يكون " بعد " مضافا إلى ما بعده ، كما جاء في شرح السنة بعد ذلك اليوم ، وأن يكون مقطوعا عن الإضافة ، وقوله : ( يومئذ ) بيان للمضاف إليه المحذوف فيجوز الوجهان حينئذ كما قرئ بهما في قوله تعالى ومن خزي يومئذ وفي الحديث جواز أكل الشريف طعام من دونه من محترف وغيره ، وإجابته دعوته ، ومؤاكلة الخادم ، وبيان ما كان - صلى الله عليه وسلم - عليه من التواضع واللطف بأصحابه ، وأنه يسن محبة الدباء ، وكذا كل شيء كان يحبه ، وأن كسب الخياط ليس بدنيء ، ( متفق عليه ) ، ورواه الترمذي في الشمائل .

التالي السابق


الخدمات العلمية