صفحة جزء
4197 - وعن جابر - رضي الله عنه - أن النبي قال : - صلى الله عليه وسلم - قال من أكل ثوما أو بصلا ، فليعتزلنا ، أو قال : فليعتزل مسجدنا . أو ليقعد في بيته " . وإن النبي - صلى الله عليه وسلم - أتي بقدر فيه خضرات من بقول ، فوجد لها ريحا ، فقال : " قربوها إلى بعض أصحابه - وقال : " كل ، فإني أناجي من لا تناجي " . متفق عليه .


4197 - ( وعن جابر - رضي الله تعالى عنه : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : من أكل ثوما أو بصلا ) : أي : غير مطبوخين ، فأو للتنويع ، وفي معناها كل ما فيه رائحة كريهة كالفجل والكراث . ( فليعتزلنا ) : أي : ليبعد عنا ولا يحضر مجالسنا ، قال : ( أو قال : فليعتزل مسجدنا ) : فإنه مع أنه مجمع المسلمين فهو مهبط الملائكة المقربين . قال بعض العلماء : النهي عن مسجد النبي - صلى الله عليه وسلم - بصفة خاصة ، وحجة الجمهور رواية : فلا يقربن مساجدنا " ، فإنه صريح في العموم ( أو ليقعد في بيته ) : قيل : " أو " للشك وقيل للتنويع . وفي الجامع الصغير بالواو فتكون الجملة للتوكيد ، ( وإن النبي - صلى الله عليه وسلم - ) : بكسر إن على أن الجملة حال وبفتحها عطفا على " أن " الأولى وهو الأولى ( أتي ) : أي : جيء ( بقدر فيه خضرات من بقول ) : وهو بفتح الخاء وكسر الضاد المعجمتين جمع خضرة أي : بقول خضرات ، ويروى بضم الخاء وفتح الضاد جمع خضرة . قال التوربشتي : قوله : " بقدر " كذا رواه البخاري في كتابه بالقاف ، وقد قيل إن الصواب فيه " أتي ببدر " بالباء أي : بطبق وهو طبق يتخذ من الخوص وهو ورق النخل ، ولعله سمي بذلك لاستدارته استدارة البدر . وقال النووي رحمه الله : " أتي بقدر " هكذا هو في نسخ صحيح مسلم ، ووقع في صحيح البخاري ، وسنن أبي داود وغيرهما من الكتب المعتمدة ببدر بباءين موحدتين قال العلماء : هذا هو الصواب ، وفسر الرواة وأهل اللغة والغريب البدر بالطبق انتهى . فدل على أن نسخ البخاري مختلفة ، وقد رجح بعض الشراح رواية البدر بالباء ، وأهل اللغة بأن رواية القدر تشعر بالطبخ ، وقد ورد الإذن بأكل البقول المطبوخة . وذكر العسقلاني أن رواية القدر بالقاف أصح ، ولا تعارض بين امتناعه من أكل الثوم مطبوخا وإذنه لهم في ذلك ، فقد علله بقوله : " فإني أناجي من لا تناجي " . قلت : ويمكن أن يكون امتناعه منه ؛ لأنه لم يكن مطبوخا وهو لا ينافي كونه في القدر ، فإنه قد لا يستوي فيه الطعام فضلا عن أمثال الثوم ، وربما رمي في آخر الطبخ فبقي الريح فائحا ويدل عليه قوله : ( فوجد لها ريحا ، فقال ) : أي لبعض خدامه ( قربوهما ) : أي : الخضرات مغروفة ( إلى بعض أصحابه ) : أبهمه لحصول المقصود به من غير تصريح باسمه ( وقال ) : أي له ملتفتا إليه ( كل ) : وقال الطيبي : لعل لفظ الرسول - صلى الله عليه وسلم : ( قربوها إلى فلان ) بقرينة قوله : [ ص: 2708 ] " كل " فأتى الراوي معنى ما تلفظ به - عليه السلام - لكونه لم يتذكر التصريح باسمه ، فعبر عنه ببعض أصحابه ( فإني أناجي من لا تناجي ) : أي : من الملائكة أو أراد به جبريل ، والمعنى أنا أتكلم معه ، وأنت لا تتكلم معه ، فيجوز لك ما لا يجوز لي ، فلا تقس الملوك بالحدادين . ( متفق عليه ) : وتقدم أنه رواه أبو داود وغيره .

التالي السابق


الخدمات العلمية