صفحة جزء
4321 - وعن حذيفة - رضي الله عنه - قال : " نهانا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نشرب في آنية الفضة والذهب وأن نأكل فيها ، وعن لبس الحرير والديباج ، وأن نجلس عليه " . متفق عليه .


4321 - ( وعن حذيفة قال : نهانا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نشرب في آنية الفضة والذهب وأن نأكل فيها ، وعن لبس الحرير والديباج ) : بكسر أوله ويفتح نوع منه مختص بهذا الاسم ، فتخصيصه لئلا يتوهم عدم دخوله ، فإن العبرة بالمسمى لا بالاسم كما سبق في الخمر ، ثم لما كان مؤداهما واحدا أفرد الضمير الراجع إلى الحرير في قوله : ( وأن نجلس عليه ) : أي نحن وغيرنا تبع لنا في جميع الأحكام ، وفي فتاوى قاضيخان : لبس الحرير المصمت حرام في الحرب وغيره ، وكما يكره في حق البالغ يكره لباس الصبيان الذكور أيضا ، ويكون الإثم على من ألبسهم . وقال أبو يوسف ومحمد : لا بأس للحرير في الحرب ، فإن كان الثوب سداه غير حرير ولحمته حرير يكره لبسه عندهم ، وجاز لبسه في الحرب ، أما ما كان سداه حريرا ولحمته غير حرير جاز لبسه في كل حال عندهم . وقال أبو حنيفة : لا بأس بافتراش الحرير والديباج والنوم عليهما ، وكذا الوسائد والمرافق والبسط والستور من الديباج والحرير إذا لم يكن فيها تماثيل ، وقال أبو يوسف ومحمد : يكره جميع ذلك اهـ . وحاصله أن النهي في الحديث محمول على التحريم عندهما وعنده على التنزيه ، كما أشار إليه بقوله : لا بأس ، فإن الورع من يدع ما لا بأس به مخافة أن يكون به بأس ، وهو معنى الحديث المشهور : " دع ما يريبك إلى ما لا يريبك " . وكأن الإمام أبا حنيفة ما حصل له دليل قطعي على كون نهيه للتحريم ، والنصوص في تحريم لبس الحرير لا تشمله ; لأن القعود على شيء لا يطلق عليه لبسه ، فلهذا حكم بالتنزيه ، وهذا من ورعه في الفتوى ، وأما عمله بالتقوى فمشهور لا يخفى ، ومذكور في مناقبه مما لا يحصى . ( متفق عليه ) .

التالي السابق


الخدمات العلمية