صفحة جزء
( 5 ) باب الغسل

الفصل الأول

430 - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إذا جلس أحدكم بين شعبها الأربع ثم جهدها ، فقد وجب الغسل وإن لم ينزل ) متفق عليه .


( 5 ) باب الغسل

هو بالضم غسل مخصوص ، وبالفتح مصدر ، وبالكسر ما يغسل به ، وقيل : بالضم والفتح مصدر ، وقيل : المضموم مشترك بين الفعل وماء الغسل ، وقول ابن حجر : هو لغة : سيلان الماء على البدن ، وشرعا : سيلانه عليه مع التعميم بالنية غير ظاهر ; لأنه في اللغة أعم من السيلان والإسالة ، اللهم إلا أن يقال : المراد بالسيلان أعم من أن يكون بنفسه أو بغيره ، ومع هذا تخصيصه بالبدن لا وجه له ، ثم تقييده شرعا بالنية إنما يصح على مقتضى مذهبه ، أو على أنه قيد للكمال عند الكل .

[ ص: 422 ] الفصل الأول

430 - ( وعن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( " إذا جلس " ) : أي : أحدكم ، كما في نسخة صحيحة ( " بين شعبها " ) أي : المرأة ( " الأربع " ) : أي : يديها ورجليها ، وقيل : رجليها وطرفي فرجها ، ورجح الثاني بأنه يتناول سائر هيئات الجماع بخلاف الأول ; فإنه يوهم التخصيص بهيئة الاستلقاء ، وبأنه لا قبح في ذكر اليدين والرجلين ، فلو أريدت لم يكن بعيدا عنها بخلاف الشفرين فإنه يستقبح ذكرهما ، فكنى بالشعب لأجلهما ، كذا ذكرهابن حجر ، لكن في قوله : ( يتناول سائر الهيئات ) محل بحث ; لأن قيد الجلوس يأباه إلا أن يقيد سائر هيئات الجلوس فتدبر ، وقيل : فخذاها واستاها ، وقيل : يداها وشفراها ، وقيل : الرجلان والفخذان ، وقيل : ( الفخذان والشفران ، وقيل : نواحي فرجها الأربع ، والشعب : النواحي ، واحدتها شعبة . ( ثم جهدها ) أي : جامعها ; بأن أدخل تمام الحشفة في فرجها ، والجهد بالفتح من أسماء النكاح ; من الجهد الذي هو المبالغة في بلوغ الغاية ; لأن الجماع يستدعي ذلك غالبا ، وكنى به عنه استحياء من ذكره ، كذا ذكره ابن حجر ، وفيه أنه إذا كان الجهد من أسماء النكاح فلا يكون كناية ، فينبغي أن يقال : وعدل عنه إليه لعدم شهرته في هذا المعنى ، فيكون كالكناية دون التصريح ، ثم المدار على هذا ، وأما ما قبله فهو قيد واقعي أغلبي ( " فقد وجب الغسل " ) : أي : عليهما ( " وإن لم ينزل " ) ولا أنزلت هي .

قال القاضي : اختلف العلماء في وجوب الغسل بالإيلاج فذهب جمهور الصحابة إلى عدمه ما لم ينزل ، وبه قال الأعمش وداود ، وتمسكوا بقوله عليه السلام : ( " إنما الماء من الماء " ) فإنه يفيد الحصر عرفا ، ورد بأنه منسوخ بقول أبي بن كعب : " كان الماء من الماء " شيئا في أول الإسلام ، ثم ترك وأمر بالغسل إذا مس الختان الختان ؟ لحديث عائشة حيث سألها أبو موسى - عن ذلك ؟ فروت : " إذا جلس بين شعبها الأربع ومس الختان الختان فقد وجب الغسل " . انتهى . والمعنى : إذ حاذاه . وإلا فحقيقة المس غير تلك المحاذاة ؛ إذ توجد بدخول تمام الحشفة للفرج فلم يشترط غيره ، وذكر الختان خرج مخرج الغالب ( متفق عليه ) .

قال السيد جمال الدين : هذا يقتضي أن جملة : وإن لم ينزل ، متفق عليه ، وهي ليست في صحيح البخاري ، نبه عليه الشيخ ابن حجر في شرحه للبخاري ، وشرف الدين أبو إسحاق السلمي في تخريج المصابيح ، وسبق إليه في عزوها إلى الصحيحين جميعا ابن الأثير . والظاهر أن المؤلف اعتمد عليه . أو رأى في حاشية كتاب البخاري ، فتوهم أنه من المتن ، والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية