صفحة جزء
4336 - وعن معاوية بن قرة ، عن أبيه - رضي الله عنه - قال : أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - - في رهط من مزينة ، فبايعوه وإنه لمطلق الأزرار ، فأدخلت يدي في جيب قميصه ، فمسست الخاتم . رواه أبو داود .


[ ص: 2775 ] 4336 - ( وعن معاوية بن قرة ) : بضم قاف وتشديد راء ، قال المؤلف في فصل التابعين : يكنى أبا إياس البصري ، سمع أباه وأنس بن مالك وعبد الله بن مغفل ، وروى عنه قتادة وشعبة والأعمش ( عن أبيه ) : أي قرة بن إياس المزني ، سكن البصرة لم يرو عنه غير ابنه معاوية ، قتله الأزارقة ، ذكره المؤلف في فصل التابعين . ( قال : أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - في رهط ) : أي مع طائفة ( من مزينة ) : بالتصغير قبيلة معروفة من مضر ، والجار صفة لرهط وهو بسكون الهاء ويحرك ، قوم الرجل وقبيلته ، أو من ثلاثة إلى عشرة ، كذا في القاموس ، وقيل : إلى الأربعين على ما في النهاية ، ولا ينافيه ما روي أنه جاء جماعة من مزينة ، وهم أربعمائة راكب وأسلموا ; لأنه يحتمل أن يكون مجيئهم رهطا رهطا ، أو لأنه مبني على أنه يطلق على مطلق القوم كما قدمه في القاموس ، و " في " تأتي بمعنى " مع " كما في قوله تعالى : ادخلوا في أمم ، ( فبايعوه ) : أي الرهط وهو معهم ( وإنه ) : بكسر الهمزة والواو للحال أي والحال أنه - صلى الله عليه وسلم - ( لمطلق الأزرار ) : أي محلولها أو متروكها مركبة ، والأزرار جمع زر القميص . قال ميرك : أي غير مشدود الأزرار ، وقال العسقلاني : أي غير مزرور ، ولعل هذا مبني على ما في الشمائل عن قرة قال : أتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في رهط من مزينة لنبايعه ، وإن قميصه لمطلق أو غير مركبة بزرار ، وقال : زر قميصه مطلق أي غير مربوط ، والشك من شيخ الترمذي . زاد ابن ماجه وابن سعد قال عروة : فما رأيت معاوية ولا أباه إلا مطلق الأزرار في شتاء ولا خريف ، ولا يزران أزرارهما . هذا وفي نسخ المشكاة جميعها بالراءين ، وفي بعض نسخ المصابيح وأنه لمطلق الأزرار ، قال الشيخ الجزري : كذا وقع في أصولنا وروايتنا الأزر بغير راء بعد الزاي ، وهو جمع الإزار الذي يراد به الثوب ، ووقع في بعض نسخ المصابيح أو أكثرها الأزرار جمع زر بكسر الزاي وشد الراء ، وهو خريزة الجيب ، وبه شرح شراحه ، وجيب القميص طوقه الذي يخرج منه الرأس ، وعادة العرب أن يجعلوه واسعا ولا يزرونه ، فتعين أن يكون الأزرار لا غير كما في الرواية المشهورة اهـ .

قال ميرك : وقد أخرج البيهقي في شعبه هذا الحديث من طريق أبي داود بلفظ : " وإن قميصه لمطلق " ، ومن طريق أخرى : " فرأيته مطلق القميص " ، وهذا يؤيد أن تكون رواية الأزرار برائين ولا يلزم أن يكون له زر وعروة ، بل المراد أن جيب قميصه - صلى الله عليه وسلم - كان مفتوحا بحيث يمكن أن يدخل فيه اليد من غير كلفة ، ويؤيد هذا ما ذكره ابن الجوزي في الوفاء عن ابن عمر أنه قال : ما اتخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قميصا له زر ، وقال ابن حجر تبعا للعصام : فيه حل لبس القميص وحل الزر فيه وحل إطلاقه ، وأن طوقه كان مفتوحا بالطول ; لأنه الذي يتخذ له الأزرار عادة اهـ . وفي الأخير نظر ظاهر ; لأن العادات مختلفة زمانا ومكانا ، وفي الأول أيضا بحث لأن مقتضى كونه أحب أن يستحب وحكم ما بينهما علم مما تقدم والله أعلم . ( فأدخلت يدي ) : بصيغة الإفراد ( في جيب قميصه ) : قال السيوطي : فيه أن جيبه كان على الصدر كما هو المعتاد الآن ، فظن من لا علم عنده أنه بدعة ، وليس كما ظن اهـ .

واعلم أن الجيب بفتح الجيم وسكون التحتية بعدها موحدة ما يقطع من الثوب ليخرج الرأس أو اليد أو غير ذلك ، يقال : جاب القميص يجوبه ويجيبه أي قدر جيبه ، وجيبه أي جعل له جيبا ، وأصل الجيب القطع والخرق ، ويطلق على ما يجعل في صدر الثوب ليوضع فيه الشيء ، وبذلك فسره أبو عبيد ، لكن المراد من الجيب في هذا الحديث طرفه الذي يحيط بالعنق . قال الإسماعيلي : جيب الثوب أي جعله فيه ثقبا يخرج منه الرأس . قال العسقلاني : قوله : فأدخلت يدي . . إلخ يقتضي أن جيب قميصه كان في صدره لما في صدر الحديث أنه رؤي مطلق القميص أي غير مزرور والله أعلم . ( فمسست ) : بكسر السين الأولى ويفتح ، والأولى هي اللغة الفصيحة ، ومنه قوله تعالى : لا يمسه إلا المطهرون أي لمست ( الخاتم ) : بفتح التاء ، ويكسر أي خاتم النبوة ، وسيأتي الكلام عليه ( رواه أبو داود ) ، وكذا الترمذي في الشمائل ، وابن ماجه ، وابن أبي شيبة ، وابن سعد .

التالي السابق


الخدمات العلمية