صفحة جزء
4342 - وعن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا استجد ثوبا سماه باسمه ، عمامة أو قميصا أو رداء ، ثم يقول : " اللهم لك الحمد ، كما كسوتنيه ، أسألك خيره وخيرما صنع له ، وأعوذ بك من شره وشر ما صنع له ، رواه الترمذي ، وأبو داود .


[ ص: 2780 ] 4342 - ( وعن أبي سعيد الخدري قال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا استجد ثوبا ) : أي لبس ثوبا جديدا ، وأصله على ما في القاموس : صير ثوبه جديدا ، وأغرب من قال معناه : طلب ثوبا جديدا ، وعند ابن حبان من حديث أنس قال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا استجد ثوبا لبس يوم الجمعة ، وكذا رواه الخطيب والبغوي في شرح السنة ، فالمعنى إذا أراد أن يلبس ثوبا جديدا ألبسه يوم الجمعة ، وهو لا ينافي قوله : ( سماه ) : أي الثوب المراد به الجنس ( باسمه ) : أي المتعارف المتعين المشخص الموضوع له ، سواء كان الثوب ( عمامة أو قميصا ، أو رداء ) : أي أو غيرها ، كالإزار والسروال والخف ونحوها ، والمقصود التعميم ، فالتخصيص للتمثيل بأن يقول : رزقني الله أو أعطاني أو كساني هذه العمامة أو القميص أو الرداء ، و " أو " للتنويع . أو يقول : هذا قميص أو رداء أو عمامة ، والأول أظهر ، والفائدة له أتم وأكثر ، وهو قول المظهر ، والثاني مختار الطيبي فتدبر .

( ثم يقول : " اللهم لك الحمد ، كما كسوتنيه ) : الكاف تعليلية ، أو بمعنى " على " والضمير راجع إلى المسمى ، قال المظهر : ويحتمل أن تسميته عند قوله : اللهم لك الحمد كما كسوتني هذا القميص أو العمامة ، والأول أوجه لدلالة العطف بثم اهـ .

وتوضيحه أن يكون المراد بالتسمية أن يقول في ضمن كلامه بدل عن ضمير كسوتنيه ، وهو مع كونه لا يلائم ، ثم هو مخالف لظاهر لفظ الدعاء ، قال : وقوله : " كما كسوتنيه " مرفوع المحل بأنه مبتدأ ، والخبر ( أسألك ) : . . إلخ . وهو المشبه أي مثل ما كسوتنيه من غير حول مني ولا قوة أسألك ( خيره ) : أي أن توصل . . إلخ . ( وخير ما صنع ) : أي خلق ( له ) : من الشكر بالجوارح والقلب والحمد لموليه باللسان اهـ ، وما قدمناه أولى فقوله : أسألك استئناف بعد تقدم ثناء ، ( وأعوذ بك ) : عطف على أسألك ، أي أستعيذ بك ( من شره وشر ما صنع له ) : أي من الكفران ، هذا ويحتمل تعلق قوله : " كما " بقوله : " أسألك " ، والمعنى أسألك ما يترتب على خلقه من الخير وهو العبادة به ، وصرفه فيما فيه رضاك ، وأعوذ بك من شر ما يترتب عليه مما لا ترضى به من الكبر والخيلاء ، وكوني أعاقب به لحرمته ، وقال ميرك : خير الثواب بقاؤه ونقاؤه وكونه ملبوسا للضرورة والحاجة ، وخير ما صنع له هو الضرورات التي من أجلها يصنع اللباس من الحر والبرد وستر العورة ، والمراد سؤال الخير في هذه الأمور ، وأن يكون مبلغا إلى المطلوب الذي صنع لأجله الثوب من العون على العبادة والطاعة لموليه ، وفي الشر عكس هذه المذكورات ، وهو كونه حراما ونجسا ولا يبقى زمانا طويلا ، أو يكون سببا للمعاصي والشرور والافتخار والعجب والغرور ، وعدم القناعة بثوب الدون وأمثال ذلك .

( رواه الترمذي ، وأبو داود ) : وكذا أحمد ، والنسائي ، وابن حبان ، والحاكم في مستدركه عنه . وفي شرح السنة : عن ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رأى على عمر قميصا أبيض فقال : " أجديد قميصك هذا أم غسيل ؟ " قال : بل غسيل ، فقال - صلى الله عليه وسلم : ( البس جديدا وعش حميدا ومت شهيدا ) .

التالي السابق


الخدمات العلمية